يا طيّب القَلب.!
يوسف بخيت الزهراني*
من أروعِ الأمور في حياةِ الإنسان أن يحيطَ به مجموعةٌ من الطيبين، فإن تحدّث إليهم أنصتوا له، وإن استنصحهم أهدوه صوابَ الرأي، وإن ائتمنهم أسرارَه ألقوها في بئرٍ لا قرارَ لها!
يا له من شعور بالسّعادة لا يوصَف، حين يلتفتُ أحدُنا يمينًا ويسارا، فيجد هذه الأرواحَ البَشريّة الطاهرة تجاوره في حضوره، وإن غابت عنه؛ طافت ذكراها العطرةُ بقلبه وعقله، فيعيش في دنيا من النقاء، حتى وإن كدّر صفوه ونغّصه بعضُ المنغصات التي لا تخلو منها الحياة، فإذا بأولئك الأنقياء يجلون الكدرَ عن صاحبهم، ويسقون روحَه صافي إحساسِهم، كما يَسقي زلالُ الماء الكبدَ العَطشى.!
يقولُ لي أحدُ الأصدقاء الطيّبين: ماذا أفعلُ في طيبتي التي تكاد تقضي على ما بقي منّي؟
قلتُ له: وهل نويتَ أن تنقلب شريرا؟!
فنظر إليّ مندهشًا ومتسائلا: ماذا تَعني بهذا الكلام؟!
فأجبتُه: يا صاحبي الطيّب العزيز، هكذا خلقكَ الله تعالى، عذبًا نقيا، وستبقى كذلك، وسيبقى الودُّ طبعك، الذي لا يخرجُ من روحِك.
كان صاحبي ما زال يتابعني باندهاش، فواصلتُ حديثي وأنا أنظر إلى وجهه:
يا رفيقي، أنتَ رجُلٌ ذكي، لا تخدعكَ ضحكةُ الكذوب، ولا تغركَ ابتسامةُ المحتال. عاد صديقي ليقاطعني ويسأل:
ماذا تريدُ أن تقول؟ طلبتُ منه أن يتحلّى بالصبر، ثم تابعت:
الحياةُ مليئةٌ بأصناف الناس، ما بين الجيّد والرديء، ونحن مضطرون لأن نتعامل مع الجميع، لكننا بالاتكال على خالقِنا العظيم، ثم ببعض حُسن التصرف نستطيع أن نَسلمَ من شر الأشرار، بأن نكونَ منضبطين في تعاملاتنا، حذِرين من توزيع ابتساماتنا على قريب الناسِ وبعيدهم، لعلَّنا أن نعبُر إلى بَرّ الأمان.
نظر إليَّ صاحبي نظرةً لم أفهم معناها جيدا، لكنها نظرةٌ أقرب إلى الموافقة والرضا بما قُلت.!
أيها الطيّبون، كلا، لم يَذهب زمانُكم، كلا، لم ولن تغرب شمسُكم، يا أشقّاءَ أرواحنا، يا نورَ دنيانا، يا بهجةَ أيامنا، إيّاكم أن تندموا على طِيبة قلوبكم. إياكم أن تتحسّروا على من غدروا بكم، وطعنوا صدورَكم بخناجِرهم المسمُومة.
يقولُ المتنبّي:
إذا ترحّلتَ عن قومٍ وقد قَدِروا
أن لا تفارقَهم، فالراحلونَ هُمُ.!
نعم، من فرّط في مودّتكم، وهانت عليه عِشرتكم فلا تأسَفوا عليه، انسوا اسمَه، وامحوا من ذاكرتكم ذِكراه.
أنتُم الأجمل، أنتم الأعذب، أنتم الأنقى، أنتم من يمدُّ الحياةَ بالرونقِ والبهاء، أنتم من ينثُر العبيرَ في سماء حياتنا، لا أجِدُ لكم شبيهًا إلا فصلُ الربيع، أنتم أزهارُه وورودُه التي ترسم أزهى الألوان، أنتم بِساطُه الأخضر الممتد، الذي يكسو الأرضَ خُضرةً لا ترى العينُ لها نهاية، أنتم سماءُ الربيع الزرقاء الصَّافية، تُحلّقُ بها طيورُ الأمل، مرسلةً لمسامِعنا عذبَ الألحان.
أنتم كضحكاتِ الأطفالِ حين تَهزُّ بالسرورِ أفئدتَنا، وتغمرُ بالبهجةِ أرواحَنا، فتسكنُنا الطمأنينةُ، وتشيعُ فينا النشوةُ بكلِّ جَميلٍ وفتّان.!
ـــــــ
نقلاً عن صحيفة مكَّة (الورقيّة)
ـــــــ
*كاتب بصحيفة مكَّة (الورقيّة)
في صفحة الرأي
كل أربعاء.
ــــــ
للمزيد من المقالات، يمكنكم لمس صُورة الكاتب الشخصيّة أعلى هذه الصفحة.
كما يوجد سهم أسفل الصفحة، بجوار عِبارة:
الصفحة الرئيسية، هذا شكله > ، باللّمس عليه تظهر المقالات الأقدم.
وسهم آخَر بهذا الشكل < للعودة للمقالات السابقة.
ــــــ
للتواصُل مع الكاتب:
تويتر yba13@
بريد إليكتروني:
anayba2013@gmail.com
ــــــ
التعليق على المقال من جهاز الكمبيوتر الشخصي
(اللاب توب)
أسهل منه عن طريق الجوال.
نكتب في جوجل:
مدونة يوسف الزهراني
ثم نختار النتيجة التي تظهر بها آخر 6 مقالات مضافة، نفتح المدونة، ثم نفتح أحدث مقال،
وننزل أسفل المقال لإضافة التعليق.
طريقة التعليق هكذا:
الذهاب تحت المقال
ثم نختار: إرسال تعليق
ونكتب التعليق الذي نريده، مع ضرورة كتابة الاسم والمدينة في البداية.
ثم نذهب إلى خانة: التعليق باسم لاختيار ملف التعريف،
ومنها نختار: مجهول
وربما نضع علامة صح في مربع صغير،
أو إدخال رمز بحروف إنجليزية،
ثم: نشر.
شكرًا للجميع.
يوسف بخيت الزهراني - كاتب المقال
ردحذفالباحة - المملكة العربية السعودية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهلًا بحضراتكم إلى موعدنا الأسبوعي الذي أنتظره بكل شوق.
أيها الأعزاء الطيّبون، تغمرني مشاعرُكم الصادقة، هنا في تعليقاتكم على مقالي، أو تغريداتكم العذبة في حسابي تويتر لمن يتابعني yba13@ ، وتأكّدوا أن تلكم التعليقات والمشاعر الصادقة الوفية؛ محل تقديري مع شكري الجزيل لكل فرد منكم، لا حرمني الله طيبةَ قلوبكم، التي تنبضُ محبةً وإخلاصا، وتقبّلوا منّي ذاتَ المشاعر الصادقة، مع يقيني أني لن أصلَ لمستوى روعتكم فيما تعبّرون عنه تجاهي، فاقبلوا منّي أصدق الحُب واعذروا تقصيري بحقكم.!
مِسكُ الختام هنا، أن أتوجّه بالشكر الجزيل والمحبّة الخالصة، لزوجتي الوفيّة، ورفيقة دربي الغالية، أم خالد، التي اقترحتْ مشكورةً فكرةَ هذا المقال، متمنيًا أن أكونَ قد عبّرتُ بكلماتي عمّا في نفسها الصافية، وكذلك عن كل ما تحمله قلوبكم من مشاعر فيّاضة.
أستودعكم الله تعالى، الذي لا تضيع ودائعُه.
إلى لقاءٍ قريب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عبالله أحمد - مكة المكرمة
ردحذفالأستاذ العبقري وكاتبنا الكبير يوسف الزهراني
سلامي ومحبتي لك
يا أخي أنتَ إنسانٌ عذب، تستحق المتابعة والقراءة،
كلماتكَ كالبلسم الشافي على الجرح، مشاعرك تنبع من قلبكَ النقي لتصبّ في قلوبنا،
كم أنا سعيد والله، بهذا التواصل الفريد بينك وبين القُراء، الذين يكرمونكَ بما تستحق،
من قراءة وتعليقات.
مقالك اليوم كمقالاتك السابقة، في تميّزه من جميع النواحي، فكرة ولغة وأسلوب.
الشكر الجزيل، والتقدير العظيم لحضرتك.
خالد العليمي - القاهرة
ردحذفجَمال الفكرة/ بلاغة اللغة/ عبقرية الأسلوب
صفات يمتلكها الكاتب المتميز الأستاذ يوسف الزهراني
الذي يشدّ القارئ لآخر كلمة في المقال، باحتراف شديد،
من النادر أن نجد له شبيها في ذلك.
فله الشكر والتقدير..
نجلاء - الرياض
ردحذفإذا ترحلتَ عن قومٍ وقد قَدِروا
أن لا تفارقَهم، فالراحلونَ هُمُ!
هذا البيت الشعري للمتنبي، اختاره الأستاذ يوسف بذكاء واضح،
وهو يلخص القصة كاملة، لمن اختار الفراق، فليذهب غير مأسوف عليه،
لأنه يتحمّل مسؤولية اختياره.
رائع أستاذ يوسف
فارس سعيد - طالب مبتعث بأمريكا
ردحذفمقالات الأستاذ يوسف الزهراني تنبض بالحياة والجَمال،
وتأخذ العقل والقلب إلى عالَم جميل، مليء بالروعة والإبهار.!
وأنا أعتبر قراءة هذه المقالات متعة فكرية ونفسية لا تنقضي،
بل تطرح الكثير والكثير من الأسئلة بين الإنسان ونفسه.
محبتي لك أستاذ يوسف..
مريم عبدالرحمن - البحرين
ردحذفبصراحة.. مقال الأستاذ يوسف: يا طيّب القَلب
قال كل ما في قلوبنا وأكثر!!
هذا هو الكاتب الذكي، الذي يعبّر عن مكنون النفس،
في كتاباته الممزوجة بمشاعره الشفافة وإنسانيته المتدفقة.
شكرًا جزيلًا كاتبنا العزيز
خالد الجهني ـ المدينة المنورة
ردحذفهناك شعور رائع يتملّكني، حين أقرأ كتابات الأستاذ
يوسف الزهراني، وهو أنني أتمنى أن لا ينتهي المقال!
وذلك لما أجده في تلك المقالات من رقيّ الفكر وجَمال الروح وفتنة اللغة.
شكرًا من الأعماق لك أستاذ يوسف ♡
ملك / جده
ردحذفنعم أستاذ يوسف
لا يوجد مايمنع طيب القلب أن يجمع في صفاته بين الطيبه والذكاء وحسن التصرف فالقلب الطيب ينفع بل هو المطلوب في الدنيا
ولكن حياتنا محتاجه إلى فطنه وحسن تدبير للأمور بجانب طيبة القلب
موضوعك في قمة الخيااال فيه جمال يحكي عن نفسه
فكل ما تخطه أناملكِ الذهبيه وما يتدفق من حبركِ
العطر فيض من المشاعر الانسانيه والاحاسيس الوجدانيه تصل القمة في الإبداع ..وهذا مااعتدناه منك فمواضيعك دائمة التميز
لا عدمنا هذا الابداع و هذه الروعة في الإختيار
دمت لنا ودام تألقك الدائم.
د. محمد الفرحان - الظهران
ردحذفالأستاذ يوسف الزهراني يكتُب باحترافية شديدة، وسلاسة عجيبة
في الأفكار واللغة والمضمون.
ما شاء الله لا قوة إلا بالله
مقالاته تنساب إلى العقل والقلب بهدوء محبَّب، وعندما يردّد بعض القُراء هنا عِبارة:
لم أكن أريد لمقالك أن ينتهي
فهذا أكبر دليل على عبقرية الكتابة، التي يتميز بها الأستاذ يوسف
عن غيره من الكُتاب المعروفين وحتى المشهورين.!
فليس بالضرورة أن كل من اشتهر اسمه وغدا نجمًا في عالَم الكتابة، فهو
بالضرورة كاتب متميز، وهذا الرأي قد يزعج البعض لكنها الحقيقة.!
بقي أن أوجّه شكري وتقديري للأستاذ يوسف الزهراني
ولكم جميعا.