الجمعة، 10 أبريل 2015

نِداءُ الحيَاة.!

يوسف بخيت الزهراني*

نِداءُ الحيَاة.!

نعم، للحياة نداءٌ توجّهه إلينا باستمرار، فهل نستجيب لها؟ وقبل ذلك، هل نسمعها؟ صدّقوني، إنه في غاية الوضوح والعذوبة. وذلك النداء يرسل إلينا رسائلَه المباشرة في كل وقت، لكننا بإعراضنا وصدودنا عنه، عمداً أو جهلا، نخسر الكثير. وأول ما نخسره هي الحياة الحقيقية نفسها، التي يفترض أن نعيشها!
إن انغماس الإنسان في الماديات والخصومات بأنواعها يحوله إلى كائن استهلاكي بشِع، يسعى خلف ملذاته التي لم ولن تنقضي. وأنا هنا لا أحرّم الحلال، وليس بوسع أحد أن يفعل ذلك، لكنني أدعو للتوازن ما بين الروح والجسد.
فغلبة جانب على آخر تجعل الإنسان كائناً مرتبكا في نفسه، وفي وسطه الذي يعيشُ فيه. أما التوازن الذي أعنيه هنا فهو أن يكون الإنسان كائناً أرضياً وسماوياً في ذات الوقت. كأنّني بسائل ألمعي يسألني: كيف ذلك؟ والجواب يسير، وأيسر منه تطبيقه. فالإنسان خلقه ربُّ العالمين من تراب الأرض، ونفخ فيه من روحه عز وجل. وهكذا تتضح الصورة، فأي خلل بين هذين المكونين الأرضي والسماوي، سينعكس بالضرورة على حياة الإنسان ومعيشته، والسبب هو الإنسانُ نفسه!
إن المفترض بحضرة السيّد الإنسان، أن يستوعب دوره الحقيقي في هذه الكرة المستديرة الضخمة المملوءة ماء. إنها أمُّنا الأرض التي جعلنا الله تعالى خلفاءه عليها، لنعْمُرها بالعِلم والإيمان، والإبداع في كل ما هو نافع. والعجب كل العجب، هو تعالي أصوات المنادين للموت، وغلبة تلك الأصوات على المنادين للحياة. حتى ظهر ما يمكن أن نسمّيه بلا تردد ثقافة الموت. وظهرت معها بالضرورة ممارساتٌ تتنافى مع كل ما يمت للإنسانية بأدنى صلة.
يقول الشاعر إيليا أبو ماضي في قصيدته فلسفة الحياة:
أيُّهذا الشاكي وما بك داءُ
كيف تغدو إذا غدوتَ عليلا؟
إن شرَّ الجُناةِ في الأرضِ نفسٌ
تتوقّى قبل الرحيلِ رحيلا
هو عِبءٌ على الحياةِ ثقيلٌ
من يَظنُّ الحياةَ عبئاً ثقيلا
والذي نفسُه بغيرِ جَمالٍ
لا يرى في الوجودِ شيئاً جميلا
لا أريدُ أن أقع في فخّ الوعظ، وأنا لا أُحسنه، مع كثرة ممارسيه ليلا ونهارا!
لكن لديّ وصفةٌ حياتية مجرَّبة تتمثل في الاقتراب من الطبيعة، ومغادرة هذه المباني الخرسانية الصامتة والموحشة، التي أفقدتْنا أصواتَنا، وأصابت مشاعرنا بالبرود، بل بالتجمد! هذا هو مذهبي، معانقة الحياة بلهفة ووله. فأنا أعتبر الحياة كأعز صديق لي، أبوحُ لها بمكنون قلبي وهمومه، وأبثُّها لواعجَ مُهجتي، ولم أجد منها إلا كل صدقٍ ووفاء، فهي دائما عند حُسن ظني بها، بل إنني كلما أُخبرها عن نفسي أتفاجأ بها تخبرني بالمزيد عن حالها! حتى إنني أكتشفُ من بعض أحاديثها أن بها أوجاعاً لا تقل عن أوجاعي! وعندما أنصتُ لشكواها أسمع منها الكثير والمثير في كل مرّة! عجباً لأمرها من حياة! إذا ضحكتُ لها ضحكتْ لي، وإذا عبستُ في وجهها ردّتْ عليّ بالمثل.
ومع ذلك سأظل أحبها، وأستجيب لندائها في كل حين.!

ـــــــ
نقلاً عن صحيفة مكَّة (الورقيّة)
ـــــــ
*كاتب بصحيفة مكَّة (الورقيّة)
في صفحة الرأي
كل أربعاء.
ــــــ
للمزيد من المقالات، يمكنكم لمس صُورة الكاتب الشخصيّة أعلى هذه الصفحة.
كما يوجد سهم أسفل الصفحة، بجوار عبارة:
الصفحة الرئيسية، هذا شكله > ، باللّمس عليه تظهر المقالات الأقدم.
ــــــ
للتواصُل مع الكاتب:

تويتر yba13@

بريد إليكتروني:
anayba2013@gmail.com
ــــــ
التعليق على المقال من جهاز الكمبيوتر الشخصي
(اللاب توب)
أسهل منه عن طريق الجوال.
نكتب في جوجل:
مدونة يوسف الزهراني
ثم نختار النتيجة الرابعة تقريبا، نفتح المدونة، ثم نفتح أحدث مقال،
وننزل أسفل المقال لإضافة التعليق.
طريقة التعليق هكذا:
الذهاب تحت المقال
ثم نختار: إرسال تعليق
ونكتب التعليق الذي نريده، مع ضرورة كتابة الاسم والمدينة في البداية.
ثم نذهب إلى خانة: التعليق باسم لاختيار ملف التعريف،
ومنها نختار: مجهول
وربما نضع علامة صح في مربع صغير،
أو إدخال رمز بحروف إنجليزية،
ثم: نشر.
شكرًا للجميع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق