لا تَسرِق الوقت.!
يوسف بخيت الزهراني*
تتعدّدُ أشكالُ اللصُوص واختصاصاتُهم في هذا الزمان، ولا أحبّذُ الحديثَ عنهم بسبب بُغضي الشديد لهم، ونفُوري منهم جميعا، لكنّي سآخذكم في رحلة - أتمنّى أن تكون مشوّقة - للحديث عن لصوص من نوع خاص ومحبَّب.!
وتبياناً للقول، فإن وصفي لهم باللصوص هنا، هو وصفٌ مجازي لا يخلو من حقيقة، لكنهم لا يحمِلون بشاعةَ ولؤمَ اللصوص الحقيقيين، كلا، فهُم أجملُ وأعذبُ وأنقَى.!
في واقع الحال، إنهم أحبّاؤنا الذين نقضي معهم وبينهم أسعدَ الأوقات، وفي حضرتهم تمضي الساعاتُ سريعة، وتفرّ الأيامُ هاربة، وتمضي الأعوامُ كالحلم.!
كم أضناني تفكيري واحتار عقلي، في هذا الحساب الغريب للزمن، فكلما جلستُ إلى صديق عزيز أَنسى أنّني أربطُ الساعةَ بمعصمي الأيسر، ولا أنظُر إليها مطلَقا، ويتنوّع الحديثُ مع ذلك الصّديق، بين المُفرِح والمُحزِن، وتسُود لحظاتٌ من الصّمت، نكاد أن نَسمعَ صداها.!
ويمضي الوقتُ سريعاً دون شعور منا به، ويتملّكنا الإحساسُ بأننا خرجنا من دائرة الزمان كلّيا، وما عادت تنطبقُ علينا حسابُ ساعاتِه ودقائقه.
فما حقيقةُ هذا الشعور؟!وما مبعثه؟!
هو - بلا ريب - شعورٌ حقيقي، حدَث ويحدُث مع كثيرين، ومردّه - كما يتضح - إلى مزيج رائع من البهجة الغامرة، الناتجة عن التوافُق الفكريّ والنفسي بين الأصدقاء، وكذلك الأزواج.
حينها تغدو المجالَسةُ والأحاديث متعةً لا تنقضي، تُشبه في لذّتها لذة الطعام والشراب والنوم وغيرها..
حتى قال السابقون أن من مُتعهم في الدنيا، مُجالَسة أقوامٍ ينتقون أطايبَ الكلام، كما يُنتقى أطايبُ الثمر.
وفي عالَم الأزواج، نشاهد صوراً تبعثُ على السّعادة والإعجاب، لزوجين بلغا من العُمر عتيّا، يَظهران بابتسامة صافية وتجاور جسدي، ولو سألنا أحدَهما عن مدى محبّته للآخَر، لأجاب متحدّيا: أنا أُحبّه أكثر.!
وللشاعر أحمد شوقي رحمه الله، قصيدةٌ فائضةُ العذوبة في هذا المعنى، يقولُ في أبياتها:
جبلَ التَّوبادِ حيّاك الحَيا
وسقَى الله صِبانا ورعى
فيكَ ناغينا الهوى في مَهدهِ
ورضَعناهُ فكُنتَ المُرضِعا
وعلى سفحِكَ عِشنا زمنا
ورعينا غنمَ الأهلِ معا
وحَدونا الشمسَ في مَغربِها
وبَكَرنا فسَبقنا المَطلعا
هذه الربوةُ كانت مَلعبا
لشبابَينا وكانت مَرتعا
كم بَنينا من حَصاها أربُعا
وانثنينا فمحَونا الأربُعا
وخَطَطنا في نقَى الرملِ فلم
تَحفظ الريحُ ولا الرملُ وعى
لم تزل ليلى بعينِي طفلةً
لم تزِد عن أمس إلا إِصبعا.!
ما لأحجاركَ صُماً كلّما
هاج بي الشوقُ أبتْ أن تَسمَعا؟!
كُلّما جئتُكَ راجعتُ الصِّبا
فأبت أيامُه أن تَرجِعا
قد يهونُ العمرُ إلا ساعةً
وتهونُ الأرضُ إلا موضِعا.!
وهنا لا يفوتُني أن أُخبركم أيُّها القُراء الأعزاء، بما يحدُث لي في كل مرّة أكتبُ لكم فيها، فالزمنُ والمساحة يركضان منّي سريعا، وهذا لروعة وجودكُم، وسِحر حُضوركم الذي لا يَنقطع.!
ـــــــ
نقلاً عن صحيفة مكَّة (الورقيّة)
للمزيد من المقالات، يمكنكم لمس صورة الكاتب الشخصية أعلى هذه الصفحة.
للتواصُل مع الكاتب:
تويتر yba13@
بريد إليكتروني:
anayba2013@gmail.com
ـــــــ
*كاتب بصحيفة مكَّة (الورقيّة)
في صفحة الرأي
كل أربعاء.
يوسف بخيت الزهراني
ردحذفالباحة ـ المملكة العربية السعودية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهلاً وسهلاً بأصدقاء الحرف في هذا الموعد الأسبوعي، الفواح بعطر حضوركم ومشاركاتكم.
أنتم بلا شك من أولئك اللصُوص الرائعين الذين أفتقد معكم شعور الإحساس بمضي الوقت.
لكم محبّتي وامتناني لهذا الحضور البهيّ الذي يغمرني بالسّعادة، ويزيدني اندفاعاً نحو الكتابات الوجدانية الأجمل والأصدق.
يسعدني ثناؤكم ولا أستغني عن صادق نقدكم.
إلى لقاء قريب، والسلام عليكم.
طريقة التعليق على المقال هكذا:
الذهاب تحت المقال
ثم نختار: إرسال تعليق
ونكتب التعليق الذي نريده، مع ضرورة كتابة الاسم والمدينة في البداية.
ثم نذهب إلى خانة: التعليق باسم
ومنها نختار: مجهول
وربما نضع علامة صح في مربع صغير
أو إدخال رمز بحروف إنجليزية
ثم: نشر.
شكراً جزيلاً للجميع.
أحمد عبدالعزيز ـ الرياض
ردحذفالأستاذ المبدع يوسف الزهراني
بعد السلام والتحيّة
أشكرك على كل مقالاتك الوجدانية الرائعة، ومنها هذا المقال المتميز بفكرته وأسلوبه كبقية مقالاتك.
فلك صادق الدعوات والتمنيات بأن تبقى مبدعاً أنيقاً كما عرفناك وأحببناك.
نورة الغانم ـ الكويت
ردحذفأنا أخذتُ العنوان الرائع لمقال الأستاذ يوسف
وكتبته في جوجل
ثم وجدتُ نتيجة مذهلة، حيث قمتُ بفتح أول نتيجة ظهرت لي.
أرجوكم اسمعوا مثلما أنا سمعت.
هذا ما أراد أن يقوله الأستاذ يوسف لكل واحد منكم:
لا تسرق الوقت يا أجمل الوقت!!
شذى /جده
ردحذف"بالفعل أحيانا نشعر بأن الوقت يمر سريعا عندما نكون بالقرب من الشخص الذى نرتاح اليه يمتلكنا شعور جميل وكأننا نحتاج أن نوقف الزمن والساعات حتى لا ينتهى اللقاء او المكان والزمان الذى يجمعنا..
هنا ترجمه لأجمل أنواع المشاعر الجميله الصادقه"
ياااسفير الأمل والجمال دائما انت متميز في الانتقاء سلمت على روعة الطرح
فكما اعتدنا منك دائما ومن جمال كلماتك التي ترتدي ثوب التميز والابداع تصوغها بحياكه راقيه للحروف وتنسجها باحترافيه عاليه تشير إلى أن خلفها فكر متميز ومتفرد له روحانيه صافيه وجمال مختلف ..
مقالاتك دائما تغرد في سماء الواقع عباراتك سلسه سهل على القلوب هضمها وعلى الأرواح تشربها تسيطر على المشاعر بكل سهوله فتسكن الروح قبل الوجدان ..
دمت ودامت لنا روعة مواضيعك
لك خالص الدعوات.
محمود السيّد ـ القاهرة
ردحذفشهادة حق أقولها للأستاذ يوسف، صاحب هذا القلم
أنتَ صاحب إبداع وتميز لم أشاهد له مثيلا
وكأني أقرأ لأدباء العرب الكبار من أمثال العقاد والمازني وطه حسين والمنفلوطي ونجيب محفوظ.
لك مني تهنئة خاصة بهذا التميز والتفرد
أنتَ يا أستاذ يوسف فخرٌ للغة العربية
استمر مبدعاً رعاكَ الله.
ندى الخياط ـ تونس
ردحذفكاتبٌ عبقري، ذكاؤه واضح، بلاغته تأخذ العقول،
مواضيعه تسكن القلوب، يستحق المتابعة والإعجاب.
أستاذ يوسف، لكَ التحايا والتقدير من تونس الخضراء.
صباحكَ عبق بطيب الورد
ردحذفسيدي الكريم جميلة هي سطوركَ
و مستعدة أن أكون سارقة لو كانت السرقة من هذا النوع
الذي يسعدني و يقربني ممن أحب
شكراً بحجم السماء لقلمكَ الرائع و حروفكَ الأنيقة
" منى / جدة
سعيد النجّار ـ عمّان ـ المملكة الأردنية
ردحذفهذا الكاتب المتألّق، الأستاذ يوسف الزهراني
له بصمة خاصّة في كتابة المقالات، تميّزه عن كثيرين من الذين نقرأ لهم، فبلاغته عميقة وأفكاره ساحرة، يشدّ القارئ بطريقة لم أجد لها مثيلاً، يستحيل أن تتوقف عن قراءة مقالاته حتى تنهيها.
وهذا لما يملكه من قدرات كتابية قوية تجعل منه عبقرياً في كتابته، وراقياً في إبداعه، ذكياً في مخاطبة القارئ، مؤدَّباً في حُسن مخاطبته.
ما شاء الله لا قوة إلابالله
دعواتي لك أستاذ يوسف بالتوفيق.
فيصل الشريف ـ مكة المكرمة
ردحذفصدّقني يا أستاذ يوسف أن حروفي تعجز عن شكرك وتقديرك على كل هذا الجَمال في كتابتك وروعة أخلاقك
أنتَ بكل صدق تستحق المتابعة والقراءة
واصل إسعادنا أسعدكَ الله ♡
هند المزروعي ـ أبو ظبي
ردحذفشكراً أستاذ يوسف لروعة قلمك وجَمال روحك
وهذه هديتي لك ولقُرائك الكرام
لا تسرِق الوقت
لا تسرق الوقت من غيري
أنا مابي زمن غيري
لا تسرق العُمر ياطيري
مادام قلبك لحد غيري
عطني من أيامك نهار
وباقي العمر للّي تبي
ما به فرح يا معذّبي
وانتَ لحد غيري
ناظر وعدنا طاف
في اللّي درَى ومن شاف
يا قلبك الخواف
يا صاحبي الخوف
ما يطمّن الخوف
لا تلمس الجوف لا لا
لا تلمس الجوف
وانتَ ايدينك باردة
والفرقى دايم واردة
انتَ وانا في نفس الطريق
بس الخُطا متباعدة
ناظِر وعدنا طاف
في اللّي درَى ومِن شاف
يا قلبك الخواف
لا تسرق الوقت
يا أجمَل الوقت
لاتسرق الوقت لا لا
يا أجمل الوقت
تكذب عليّ واكذب عليك
والقى الدفا برعشة ايديك
نقضي العُمر كل العمر
نحلم بلحظة شاردة
ناظر وعدنا طاف
في اللّي درى ومن شاف
يا قلبك الخوّاف
كلمات:
الأمير
بدر بن عبدالمحسن
1987م
الاستماع من هنا
بنسخ الرابط ثم لصقه في جوجل وتشغيل أول نتيجة
http://youtu.be/ezINpg4DjIQ