يوسف بخيت الزهراني*
أُفتّشُ عن إنسَان.!
لو سألتُ حضراتكم عن أهم ما يحتاجه الإنسان في الحياة، فإن الإجابات ستذهبُ غالبا إلى المأكل والمشرب والتنفس، وهي أمور هامة فعلا، لكن سؤالي أبعد من ذلك، واختصارا للوقت أقول: إن شعورَ الإنسان بإنسانيته هي أهمُّ أمر يحتاجه الإنسان في حياته، وهذا ليس مجرد حديث يُقال وشعارات يتم ترديدها، بل هو مبدأ يعيش به الإنسان ويموت عليه، فمتى ما استشعر الإنسانُ أنه تام الإنسانية، مكتمل الآدمية؛ فإنه سينطلق للقيام بواجب الخلافة على الأرض، مشيداً صروح العدل وزارعاً بذور الفضيلة.
والسؤال الهام هنا: كيف للإنسان أن يحقّق إنسانيته الحقيقية؟
ويا له من سؤال خطير، مَن تأمّله وأجاب عنه فقد مضى نحو الأجمل والأكمل، ومن احتار في الإجابة فقد تعِس وأتعَس مَن معه.
ولعلنا نجِد الإجابة فيما سيأتي من هذا المقال.
خرج الفيلسوفُ اليوناني ديوجين إلى السوق نهارا، وهو يحمل بيده مصباحا، فلما رآه الناس استنكروا فعله، وسألوه عن السبب، فأجابهم بإجابته المشهورة: أُفتّشُ عن إنسان.!
فكيف يفتشُ عن إنسان، مع أن الناس كانوا يحيطون به من كل جانب؟!
إن المعنى الذي أراد ديوجين إيصاله للناس في ذلك الزمن البعيد، هو أن يحقّقوا إنسانيتهم، ولا يشغلهم تحصيلُ الذرية وجمع الأموال - مع مشروعيته - عن ذلك الهدف الأسمى.
بلمحة سريعة لتاريخ البشرية من عهد أبينا آدم عليه السلام، سنجد العديد من أسماء الأنبياء والمرسلين صلوات الله تعالى وسلامه عليهم جميعا، ختاماً بسيّدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وكل أولئك الرجال العُظماء حَملوا معهم المنهج الربّاني القويم، وكانوا شموساً بدّدت ظلمات الفكر والروح، وأشرق ضياؤهم على هذه الأرض عدلاً ورحمةً وإحسانا، وما إن يغادر أحدُ أولئك الرسل الكرام هذه الدنيا؛ حتى ترتدّ البشريةُ إلى عبثيتها، متخلّية عن ذلك المنهج، سافكةً الدماء، مهلكةً الحرث والناس، جرياً وراء المطامع الذاتية، وانتقاماً للنفس الجشعة، التي لا تتوقف عن ارتكاب الخطايا.!
وبناءً على ما تقدّم، فإن الإنسانَ هو المسؤولُ عن تزكية نفسه، وإصلاح حاله، ومراجعة ما يتبنّاه من أفكار تحكُم أفعاله.
ولربما كان أغلبُ تلك الأفكار مجانباً للصواب، بعيداً عن تحقيق معاني الإنسانية، ومع ذلك يتبناها كثير من الناس ويعيشون بها، ولو أنهم فحصوها وأمعنوا العقلَ والفكرَ فيها؛ لاتضح لهم ضعفُها وهشاشتُها، ولعلموا أن حياتهم عبارة عن بالونة كبيرة، يملؤها غاز الوهم.!
من هنا، بات لزاماً على الإنسان، أن يعقد لنفسه مَحكمةً ذاتية، يكون فيها هو الخصمُ والحَكم، وغالب الظن أنه الأدرى بحاله، والأعلم بما اقترفتْ يداه، حتى خرج عن مسمَّى الإنسانية ونورها الساطع، وذهب يتخبّط في ظلماتٍ لا صُبح لها.
لعله يخرج من تلك المحاكمة بحُكم منصف على نفسه، مجاهداً في تزكيتها، والعودة بها إلى طريق الحق والخير والجَمال.!
ـــــــ
نقلاً عن صحيفة مكَّة (الورقيّة)
ـــــــ
*كاتب بصحيفة مكَّة (الورقيّة)
في صفحة الرأي
كل أربعاء.
ــــــ
للمزيد من المقالات، يمكنكم لمس صُورة الكاتب الشخصيّة أعلى هذه الصفحة.
كما يوجد سهم أسفل الصفحة، بجوار عِبارة:
الصفحة الرئيسية، هذا شكله > ، باللّمس عليه تظهر المقالات الأقدم.
وسهم آخَر بهذا الشكل < للعودة للمقالات السابقة.
ــــــ
للتواصُل مع الكاتب:
تويتر yba13@
بريد إليكتروني:
anayba2013@gmail.com
ــــــ
التعليق على المقال من جهاز الكمبيوتر الشخصي
(اللاب توب)
أسهل منه عن طريق الجوال.
نكتب في جوجل:
مدونة يوسف الزهراني
ثم نختار النتيجة التي تظهر بها آخر 6 مقالات مضافة، نفتح المدونة، ثم نختار أحدث مقال،
وننزل أسفل المقال لإضافة التعليق.
طريقة التعليق هكذا:
الذهاب تحت المقال
ثم نختار: إرسال تعليق
ونكتب التعليق الذي نريده، مع ضرورة كتابة الاسم والمدينة في البداية.
ثم نذهب إلى خانة: التعليق باسم لاختيار ملف التعريف،
ومنها نختار: مجهول
وربما نضع علامة صح في مربع صغير،
أو إدخال رمز بحروف إنجليزية،
ثم: نشر.
شكرًا للجميع.
يوسف بخيت الزهراني - كاتب المقال
ردحذفالباحة - المملكة العربية السعودية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهلاً وسهلاً بالجميع إلى لقائنا المتجدّد جَمالاً بتواصلكم.
نعم، أُفتّشُ عن إنسَان.!
ويا ليتنا نهدّئ هذه السرعة المتهورة، التي ننطلق بها في هذه الحياة، ويكون لنا محطات توقف
لمراجعة النفس وحملها على قول الخير وفعله.
الحياة رحلةٌ تطول أو تقصر، فلنُسعد أنفسَنا بقضائها، ونجعل حياتنا قصةً مليئة بتفاصيل
يسرنا أن نحكيها للأبناء والأحفاد، مبتعدين عن الخصومات والصراع العبثي الذي يختصر
الأعمار، ويملأ الأنفسَ والأجسادَ بصنوف الهموم والأمراض.
شكر الله تعالى لكم هذا الحضور المبهج، فأنتم تطوقوني بأكاليل الورود والزهور،
التي أتأملُ مخلصاً وصادقا أن أكون جديراً بها.
إلى اللقاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عبدالرحمن محمد - مكة المكرمة
ردحذفحضرة الأستاذ المحترم يوسف الزهراني
سلامي وتحيتي لحضرتك
سعادتي لا تنتهي وأنا أقرأ ما يكتبه قلمك السيّال عطاءً وإبداعا.
وفي كل مرّة أسألُ نفسي:
ماذا سيكتب لنا الأستاذ يوسف في مقاله القادم؟!
ويكون الجواب مقالاً جديدا، يمتليء بكل ما عرفناه عن حضرتك
من رقي في الفكر وروعة في الإبداع.
مقالك اليوم هو امتداد لمقالاتك الوجدانية الجميلة، المعبّرة
عن نفْسك الشفّافة العذبة.
والله إنك تجدّد فينا المشاعر الإيجابية، وتأخذنا بكلماتك إلى عالَم
المحبة الذي أنتَ من أجمل سُكانه.
وكم لك بقلوبنا من رصيد الحُب والاحترام، فواصل يا سفير الأمل
هذا العطاء الإنساني، وكن كما عهدناك، وفياً جميلاً قريباً من قلوبنا،
التي سكنتها بأخلاقك الراقية وإنسانيتك الصافية رعاكَ الله وحماك.
وائل عبدالرحيم - القاهرة
ردحذفما أجمل هذه المشاعر التي ينثرها قلمُ الأستاذ يوسف الزهراني
فترحل بأرواحنا وأجسادنا إلى دنيا الأمل والحُب
ونحس ونحن نقرأ ما يكتبه الأستاذ يوسف بأن الحياة ما زالت بخير
وأن شمس السعادة ستشرق كل يوم على أيامنا
فشكراً لأستاذنا العزيز وبالتوفيق دائما
سامية - تبوك
ردحذفما أجمل هذا المقال يا أستاذ يوسف
الفكرة ساحرة والأسلوب عبقري
وهذا ليس بغريب عليك، فقد تعودنا منك الإبداع المستمر
شكراً لحضرتك، وشكراً لصحيفة مكة الورقية التي
تهدينا مقالاتك الجميلة.
بقي أن أقول عن مدونتك هذه بأنها أنيقة في شكلها ومضمونها
شكراً شكراً شكراً
ملك /جده
ردحذفالإنسانيه أساس الخلق ، والإنسان الفطري لازال موجود، ولكن! قد يتعثر أحيانا بمؤثرات تغير من حياته أوقيمه أوسلوكه أومبادئه أواخلاقه ..........
فيحتاج بين الحين والآخر نفض بعض الغبار عنه ، لإعادة لونه الأصلي وبريقه ولمعانه ،حينها ليطلق روحه العنان ،ويعيش بكل سعاده،ويفعل مايشاء من غير شعور بالذنب أو تأنيب الضمير .
مااا اروعك !!!
مقال جميل أنيق هادف ومميز ينيره بريق الإبداع،كاتبه مبدع ،عقلاني وجداني ،إنساني لآ يشبه إلا نفسه، يملك أسلوب آخاذ ،كلماته نابعة عن إنسانية و أمل ،حروفه لها تقاسيم موسيقيه هادئة قادره على سلب الحواس وشحذ الاهتمام ويقظت الدواخل والوجدان ،
أيها المتألق دوما
أنت الروعه بأدق تفاصيلها، ومهما بلغنا درجات الوصف لن نوفيك حقك، لذالك لانملك لك إلا جزيل الشكر على مقالاتك الرآئعه فهي متنفس الأمل لنا فنسمو من خلالها الى عالم أجمل وحياه فطريه كلها طيب وسعاده وانسانيه ،
نتوجه بخالص الدعوات لك بالتوفيق الدائم ،
ومن جميل إلى أجمل بإذن الله.
استاذي الغالي دائما اتلذذ بالقرائه وانا اقرأ مقالات عبر الجريده او عبر مواقع التواصل من تويتر وواتس اي او من هذا الموقع دمت لنا يالغالي انت وقلمك الذهب واختياراتك الجميله
ردحذفتقبل مرور القليل والنادر
وانا من المتابعين لك ف جميع المواقع وبكل فخر
ابن ابن عمك
الحد الجنوبي
عاصفة الحزم
استاذي الغالي دائما اتلذذ بالقرائه وانا اقرأ مقالات عبر الجريده او عبر مواقع التواصل من تويتر وواتس اي او من هذا الموقع دمت لنا يالغالي انت وقلمك الذهب واختياراتك الجميله
ردحذفتقبل مرور القليل والنادر
وانا من المتابعين لك ف جميع المواقع وبكل فخر
ابن ابن عمك
الحد الجنوبي
عاصفة الحزم
مريم عبدالرحمن - البحرين
ردحذف(الإنسانَ هو المسؤولُ عن تزكية نفسه، وإصلاح حاله، ومراجعة ما يتبنّاه من أفكار تحكُم أفعاله).
الله عليك يا أستاذ يوسف، بلاغتك فوق الوصف.
جملة واحد منك تقول أشياء كثيرة في قلوبنا.!
شكرًا لهذا البوح الصادق من حضرتك.
إلى الأمام يا مبدعنا، وأطيب الأمنيات ღ
قتلتني بكلماتك ابا خالد فليتك لم تكن صديقي لامتدحك اما الان فان امتدحتك فانا امدح نفسي
ردحذفوكلماتك المنتقاه من قطرات سحائب الكلمات وموج البحار الزاخرة في اعماقك
تلتقفها اذناي وعيني لترسلها الى قلبي دون ان تنتظر منه ان يفتح ابوابه
ابو فيي
أزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذفماجد سعد - الباحة
ردحذفأفتِّشُ عن إنسان .. هي الفطرةُ تفتِّشُ عن الفطرة .
بداخل كلٍّ منا ذلك الإنسان الذي يفتش عن إنسان ، نعم نبحث عن ذلك الإنسان الذي يشعرنا بإنسانيتنا بعيدًا عن مصالح الحياة .
" ما ابي من الناس .. ناس .. "
صديقي العزيز يوسف دائمًا ما تشدنا بمقالاتك المتألقة ذات البعد الإنساني .
وإختيارك لعنوان المقال كفيلٌ بأن يجبر أيًا كان على قراءة المقال مرة وأخرى .
كم أنا سعيدٌ بك .. سلمت أناملك ودمت بود ..
رباب عبدالوهاب ـ تونس
ردحذفعجيبٌ أمركَ يا أستاذ يوسف
احتراف شديد ومهارة عالية في تطويع اللغة
بكل ما فيها من بلاغة وجَمال أسلوب
فهنيئًا لنا بهذا الإبداع
وهنيئًا لنا بهذا البوح الإنساني من حضرتك
أطيب الأمنيات بمزيد التألّق
راشد سعيد الزهراني - مكة المكرمة
ردحذفمبدع أخي يوسف وملهم باختيار موضوعات تجعلني
أتمعن روعة الكلمة وجَمال الأسلوب وتدفق الإحساس، وإقناع القارئ
وتأثره وإعجابه بما سطّرته أناملك إبداعاً وتألقا
بارك الله فيك وتحياتي لك
جواهر - تبوك
ردحذففتّشتُ فلم أجد أروع منكَ في صياغة الحرف والكلمة.!
مقال رائع جدا.!
فعلاً، لو يكون الإنسانُ خصمَ نفسِه لصلُح حالُه.
لكن مع الأسف، الكل يدّعي المثالية والنزاهة.!
مقالٌ يشدّ الانتباه، لكن من الصعب البحث عن إنسان في زمنٍ
بعيدٍ عن الإنسانية.!
شكرًا مبدعنا الكبير.