يوسف بخيت الزهراني*
درِّب نفسَك على السّعادة.!
صديقٌ عزيز، مرّ بظروفٍ اجتماعية ومادية قاسية؛ استمرتْ لسنوات طويلة.. جلستُ معه ذات ليلة؛ بعد انقطاع دام عدة شهور، سألتُه عن أحواله، سؤالَ مشاركة واهتمام، لا سؤال جهلٍ واستفهام.! فأجابني مبتسما: الحمد لله، أحوالي تسرّك يا يوسف.
عدتُ أسأله من جديد: يبدو أنكَ تسير للأفضل؟! فهذا مرسومٌ على قَسَمات وجهك. اعتدل في جلسته والتفتَ بجسده نحوي، ثم قال بعبارات واضحة الصوت والمعنى؛ وكأنه يريد إخباري شيئاً مهما:
أنا وبكل تواضع يا صاحبي، خرجتُ من تجربتي المريرة الطويلة بقناعة راسخة، أستطيع تلخيصها لك في عبارة واحدة: درِّب نفسَك على السعادة.!
قلتُ له ممازحا ومستزيدا: نعم، فهمتُ مرادَك، تريدني أن ألتحق بتلك الدورات، التي يسمّونها دورات تطوير الذات؟! انفجر صاحبي ضاحكا، ثم دفعني بيده قائلا: اللوم عليّ؛ لأنني أريد إهداءك خلاصة تجربتي، وأنت لا تدع المزاح حتى في مواقف الجد.!
قلتُ له مطيباً خاطره: أعتذر يا عمّي الحكيم.! تفضل بالحديث، وأعدكَ بالإنصات.
بعد أن أحسّ الصديق بالطمأنينة حيال وعدي له بالصمت؛ انطلق في حديث أحسبه خرج من قلبه؛ ليستقر تالياً بقلبي.!
يقول صديقي: كما ذكرتُ لك، لا بد أن تدرّب نفسَك على السعادة، تدريباً حقيقياً يوميا، كما يفعل لاعب كرة القدم المحترف؛ ليحافظ على لياقته. ارتد أجمل ثيابك؛ وكأنك ذاهبٌ لحفل زفاف.! تناول أطيب الطعام، ارسم ابتسامة صادقةً دائمةً على محيّاك، تناسى وتجاهل أي هموم أو مشاكل؛ تهجم على حياتك ووضعكَ المعيشي.
وكلما خطرتْ ببالك تلك الهموم؛ قاومها بأفكار إيجابية، مع تذكّر نِعم عديدة تمتلكها ويفتقدها كثيرون.! هنا يتوقف صاحبي؛ ثم يأخذُ نفَساً عميقا، مستأنفاً حديثه ومستعيداً ما مرّ به من ظروف.. يقول: كانت كل همومي ترتسم على وجهي؛ كالغيمات السوداء.! ويسألني الأقارب والمحبون: لماذا تصنع بنفسك كل هذا؟! هي ظروفٌ وستمضي في حالها. بدأتُ أسائل نفسي: هل سيحدث لي أقسى من الذي حدث وانتهى؟!وهل سأبقى فريسةً تنهشني الظروف بأنيابها بلا رحمة؟! ولماذا لا أشتغل بالحل، بدلا من الانشغال بالمشكلة؟!
راجعتُ نفسي في الأخطاء التي اقترفتُها، والحماقات التي ارتكبتُها، بعيداً عن أخطاء وحماقات الأطراف الأخرى. بدأتُ التفكير بالحلول، ثم انطلقتُ إلى إصلاح ما أستطيع إصلاحه. ومع الشهور والأيام؛ صرتُ أرى نفسي مولوداً جديدا.! الولادة من جديد، حقيقةٌ نفسية حدثتْ معي بكل مخاضها وآلامها، ثم سعادتها لاحقا.! استعدتُ ذلك الإنسان، الذي غادرني زمناً طويلا، وهو أنا.! والآن أجلسُ معك، بكامل لياقتي النفسية والصحية، حامداً ربي مثنياً عليه تعالى.
هنّأتُه بصدق على مولده الجديد، ثم قرأتُ عليه هذه الأبيات:
يا أيها الحُزنُ المسافرُ في دمي
دعني فقلبي لن يكون أسيرا
ربي معي فمن الذي أخشى إذن
ما دام ربي يحسنُ التدبيرا؟!
وهو الذي قد قال في قرآنه:
«وكفى بربّكَ هادياً ونصيرا».
ـــــــ
نقلاً عن صحيفة مكَّة (الورقيّة)
ـــــــ
*كاتب بصحيفة مكَّة (الورقيّة)
في صفحة الرأي
كل أربعاء.
ــــــ
للمزيد من المقالات، يمكنكم لمس صُورة الكاتب الشخصيّة أعلى هذه الصفحة.
كما يوجد سهم أسفل الصفحة، بجوار عبارة:
الصفحة الرئيسية، هذا شكله > ، باللّمس عليه تظهر المقالات الأقدم.
ــــــ
للتواصُل مع الكاتب:
تويتر yba13@
بريد إليكتروني:
anayba2013@gmail.com
ــــــ
التعليق على المقال من جهاز الكمبيوتر الشخصي
(اللاب توب)
أسهل منه عن طريق الجوال.
نكتب في جوجل:
مدونة يوسف الزهراني
ثم نختار النتيجة الرابعة تقريبا، نفتح المدونة، ثم نفتح أحدث مقال،
وننزل أسفل المقال لإضافة التعليق.
طريقة التعليق هكذا:
الذهاب تحت المقال
ثم نختار: إرسال تعليق
ونكتب التعليق الذي نريده، مع ضرورة كتابة الاسم والمدينة في البداية.
ثم نذهب إلى خانة: التعليق باسم لاختيار ملف التعريف،
ومنها نختار: مجهول
وربما نضع علامة صح في مربع صغير،
أو إدخال رمز بحروف إنجليزية،
ثم: نشر.
شكرًا للجميع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق