بوابة الأمَل.!
يوسف بخيت الزهراني*
أَعرفُها جيدا: قوية في إيمانها، راقية في أخلاقها، شاملة في ثقافتها، بهيّة في حضورها. من المؤكد أنها قرأت أو تقرأ أو ستقرأ هذا المقال، لذلك لا أستطيع أن أسبّب لها أوجاعاً فوق أوجاعها، سأحاول الكتابةَ عن الجانب المشرق في حياتها، وهو يستأثر بالمساحة العُظمى من حياتها الزاخرة بكل جميل.!
أملي أن أكتب ما تستحق، لأنها جديرةٌ بالتقدير والشدّ على يدها، حتى تتمكّن من إكمال دربها، الذي لا يخلو من العوائق.
هكذا أراها أنا، تعاني من حياتها وظروفها، أما هي فتنفجر ضاحكة حين أسألها عن شعورها، تجاه ما يحدث معها من غريب المواقف والأقدار.
لقد اخترتُ أن أصِفها ببوابة الأمل، وهي صفة تنطبق عليها بشكل كبير، ولعلكم توافقوني حين تقرؤون السطورَ القادمة.
ودّعتْ بطلةُ حكايتنا زوجَها، بعد سنين طويلة من الزواج، وبعد وفاة زوجها - رحمه الله - بأسابيع، أنجبتْ طفلا لم يعش سوى أيام معدودة.
في إحدى غُرف منزلها تطبّب عمَّها ووالد زوجها الراحل، وعمها شفاه الله، به الكثير من الأوجاع التي تجعل حالته الصحية شديدة الصعوبة، وفي غرفة أخرى من المنزل تلاعب أطفالها وأطفال إخوانها وأخواتها، الذين يأتون إليها لأسباب اجتماعية متنوعة.
نعم، هي بوابةُ الأمل، تودّع أرواحاً وتستقبل أخرى.
لها مع الموت أكثر من قصة، ولها مع الفراق حكاياتٌ طويلة موجِعة، لكنها تكتسي بالإيمان والصبر، حتى لا تنكشفَ للناس عورةُ أوجاعها، ولا تفضح للقريب والبعيد ما خفي من أسرار قلبها، المليء بهموم تشكوها لخالقها تعالى دون سواه.
تنقل خطواتها وتقضي وقتها كالنحلة، بين مريض أعياه المرض، وباتت أيامه القادمة أقل من أيامه الماضية، وبين أطفال يخطون خطواتهم الأولى في رحلة الحياة، فما أعجَب أمرها، وما أغرب حكايتها.!
تجلس مع المريض الذي لا يكاد يشعر بوجودها، وبالكاد ينطق بضع كلمات، وإن نطق فهو يسأل عن الزمن الذي يتضاءل منه شيئاً فشيئا، ويسأل عمّن جاء لزيارته من أبنائه وبناته، المشغولين بحياتهم الخاصّة عن رؤية ورعاية أقرب الناس إليهم.
ثم تنتقل إلى مجالسة الأطفال، النابضين بالحياة والبهجة والنشوة، تسألهم عن مدارسهم، وتساعدهم في مذاكرتهم، وتتحدّث معهم عن أحلامهم، بل وتشاركهم لحظات مرحهم، وكأنها طفلة في سنهم.
هي تفعل كل ذلك بنفْس راضية وقلب منشرح، ومع هذا ترى أن لديها وقت فراغ تقوم فيه بالقراءة والكتابة، وتعلّم مهارات جديدة تنمّي بها جوانب مختلفة من شخصيتها.
هذه الإنسانة الرائعة صاحبة العطاء الفيّاض، ليست وحيدةً في ظروفها، فهناك كثيرون يشبهونها من الرجال والنساء، الذين يمنحون الحُب ويبذلون المعروف، دون أن ينتظروا حتى كلمة شكر من الطرف المقابل، بل يفعلون كل ذلك ولسان حالهم يردّد الآية الكريمة: "إنما نطعمكُم لوجهِ الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورا".
ـــــــ
نقلاً عن صحيفة مكَّة (الورقيّة)
ـــــــ
*كاتب بصحيفة مكَّة (الورقيّة)
في صفحة الرأي
كل أربعاء.
ــــــ
للمزيد من المقالات، يمكنكم لمس صُورة الكاتب الشخصيّة أعلى هذه الصفحة.
كما يوجد سهم أسفل الصفحة، بجوار عِبارة:
الصفحة الرئيسية، هذا شكله > ، باللّمس عليه تظهر المقالات الأقدم.
وسهم آخَر بهذا الشكل < للعودة للمقالات السابقة.
ــــــ
للتواصُل مع الكاتب:
تويتر yba13@
بريد إليكتروني:
anayba2013@gmail.com
ــــــ
التعليق على المقال من جهاز الكمبيوتر الشخصي
(اللاب توب)
أسهل منه عن طريق الجوال.
نكتب في جوجل:
مدونة يوسف الزهراني
ثم نختار النتيجة التي تظهر بها آخر 6 مقالات مضافة، نفتح المدونة، ثم نختار أحدث مقال،
وننزل أسفل المقال لإضافة التعليق.
طريقة التعليق هكذا:
الذهاب تحت المقال
ثم نختار: إرسال تعليق
ونكتب التعليق الذي نريده، مع ضرورة كتابة الاسم والمدينة في البداية.
ثم نذهب إلى خانة: التعليق باسم لاختيار ملف التعريف،
ومنها نختار: مجهول
وربما نضع علامة صح في مربع صغير،
أو إدخال رمز بحروف إنجليزية،
ثم: نشر.
شكرًا للجميع.