يوسف بخيت الزهراني*
مع"مسَاعد" نحو الأمَل.!
الحياةُ فرصةٌ ثمينة،لزراعة الأملِ وصناعة السَّعادة.
وبعضُ الفُرص تفوتُ ويُمكن تعويضها،إلا هذا العُمر الذي نعيشُه،فإن ساعاتِه الماضية تُودّعنا إلى غير رجعة.!
كلُّنا سمِعنا منذ زمن،أُمنية الشاعر
أبي العَتاهية في بيتِه ذائع الصِّيت:
ألا ليتَ الشبابَ يعودُ يوماً
فأُخبرهُ بما فعلَ المشيب.ُ!
إن سنينَ العُمر تتسرّبُ منّا،كما يتسرّبُ الماءُ من راحةِ القابضِ عليه.
ومع عِلمنا التامّ بذلك،إلا أننا نُصِرُّ بحماقةٍ بشريّة أزليّة،على تَبديدِه في اللاشيء.!
هذا اللاشيء يشملُ قائمةً طويلة،تبدأُ بخِصام الإنسانِ مع نفسِه،مروراً بما يَحْدُث داخل بيته من توافه المُشكلات،وانتهاءً بخلافاته الدائمة مع أقاربه وجيرانه وبقية الناس.
حتى تغدو حياتُه مسلسلاً مأساوياً طويلا، لاتنتهي حلقاتُه إلا بموت بطل المأساة.!
وفي نهاية الطريق،يلتفتُ الإنسانُ خلفَ ظَهرِه،ويلمحُ فوات حياتِه كحلمٍ قصير في ليلةٍ أقصر.!
وإذا به يُحدِّثُ نفسَه بأسى:
ليتني فعلتُ تلك،ليتني تركتُ هاتيك، ليتني استمتعتُ بتيك!.
في إحدى الليالي تلقيتُ اتصالاً عزيزا،من الإعلامي القدير الأستاذ مساعد الخَميس،مُثنياً بكرم أخلاقه وحُسن ظنّه على ماأكتبه.
قلتُ له:أشكركَ يا أستاذ مسَاعد،وأعتزُّ بشهادتِك،لكن لاتُضيّع وقتَ حضرتِك معي،ولعلّك تجد من هو أكبر منّي سناً وأطول تجربة،فهؤلاء هم الذين يستحقون الثناء.
عاد الأستاذ مساعد ليقول:
اسمعني يايوسف،أنت أخٌ عزيز،وليست لي مصلحةٌ عندَك؛لأثني عليك وعلى كتاباتك،فما تكتبه يعبّر عنكَ بصدق ووضوح.
يتابع الأستاذ مساعد:
ياأبا خالد،والله العظيم،مهما يصِلُ إليه الإنسانُ من عِلمٍ ومالٍ وجاه،وهو
بلا خُلق حسَن ومعاملة راقية مع الناس،
فلا خير فيه ولافي عِلمه ولاماله ولاجاهه.
ويضيفُ أخي أبو سلطان:
انظُر معي لهذه الحياة الجميلة،التي لوّثناها بسُوء أفعالِنا وقبيحِ تصرُّفاتِنا،وكأنَّ الواحدَ منا لايعلمُ بأن مغادرتَه لها أسرع ممّا يتصوّر.
وماهو إلا سببٌ واحد،وينضمّ لقوائم الراحلين!.
ربما كان ذلك السببُ حادثاً مروريا،أو علّةً مرضيّة،أو حتى نومةً لايستيقظُ منها.!
ولو استطعتَ يايوسف،أن تملأ يومَك وليلتك بكل فعل طيّب فلا تتردّد ياصاحبي.
شكرتُ الأستاذ مساعد كثيرا،قبل أن يُنهي كلامَه معي.
ثم عدتُ لتأمّل حديثه الأخوي،وقلتُ لذاتي:
هذا حديثُ قلبٍ رائع،وليس بمُستغرَب من إنسان بروعة أبي سلطان،لكن أين الآذانُ التي تُصغي؟!
وأين العقولُ التي تَفهم؟!
وأين الناس التي تُحوّل هذا الحديث إلى سُلوكٍ يومي؟!
وبعد طُول تفكير وتأمُّل،وجدتني أردّد مع نفسي أبيات الشاعر إيليا أبو ماضي، والتي عنوانُها:
إن الحياةَ قصيدة.
يقولُ فيها:
ماللقبورِ كأنّما لاساكنٌ فيها
وقد حَوت العُصورَ الماضية؟!
طوت الملايينَ الكثيرةَ قَبلَنا
ولسوفَ تَطوينا وتبقَى خالية
أين المَها وعُيونُها وفُتونُها؟!
أين الجَبابرُ والمُلوكُ العَاتية؟!
زالوا من الدُّنيا كأن لم يُولَدوا
سَحقتْهُمُ كَفُّ القضاءِ القَاسية
إنَّ الحياةَ قصيدةٌ،أعمارُنا
أبياتُها،والموتُ فيها قافِية
متّع لِحاظَكَ في النُّجُومِ وحُسْنِها
فَلسوفَ تَمضي والكَواكبُ باقية.!
نقلاً عن صحيفة مكَّة
(الورقيّة)
17ـ12ـ2014م
للتواصُل مع الكاتب:
تويتر yba13@
بريد إليكتروني:
anayba2013@gmail.com
*كاتب في صحيفة مكّة
(الورقيّة)
في صفحة الرأي
كل أربعاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق