أسئلة الكتابة*
يوسف بخيت الزهراني
ثلاثة أسئلة / تساؤلات، هي في الغالب الأسئلة التي تدور في ذهن المشتغلين بالكتابة احترافاً أو هوايةً واستمتاعاً. أول هذه الأسئلة: ماذا أكتب؟ سأجيب ببساطة: أنا أكتب كلَّ ما يخطر في تفكيري ويدور في وجداني، سريعاً بلا انتظارٍ لفواتِ الفكرة وهروبها، أهرع إلى فتح مفكّرة هاتفي المحمول، وأنطلق في كتابة الكلمات، ولا يختلف الأمرُ حين أكون مستلقياً على السرير بانتظار النوم، أو جالساً أتناول طعامي، أو ماشياً أتنزه في حديقة، حتى أَصبح تقييد الأفكار سلوكاً معرفياً لا أتخلّى عنه.
ومِن هنا يمكن القول لمن يحمل بيده قلماً، أو يعمل على جهاز إلكتروني: اكتب ما تفكر به، ولا تحتقر أي فكرة أو تعتبرها سخيفةً لا تستحق الكتابة، فقط اكتبها، وعُد إليها لاحقاً، لتطويرها وتجميلها والزيادة عليها، حتى تصبح في أبهى منظر وأجمل حُلة.
لماذا أكتب؟ لأنني أولاً وأخيراً إنسان، أحمل هموم الآخَرين وهمّي، أختزن في قلبي ذكريات الفرح والألم، أنظُمها في كلمات يغوص بها أحدُ القراء ألماً وحُزناً، ويطير بها قارئٌ آخَر فرَحاً وعشقاً، أكتب ما أشعر به لئلا ألتحف الصمتَ وأفترشَ أرصفة النسيان الباردة.
نعم، في مواقف كثيرة لا تسعفنا الكلمات، تنهشنا أنيابُ الألم، فتمزّق مشاعرَنا، وتتلاشى حروفُ أبجديتنا، لنبقى بلا لغة ولا لسان، لكننا نعود بغريزة التمسّك بالحياة، ننهض مِن جديد، نقاوم العقبات ونحارب الأوجاع بسلاح الأمل، وندوِّن الذكريات بحبر الدم والدموع، لتبقى تلك السطورُ رسائلَ للعابرين، يتأمّلونها ويحاولون تلبّس مشاعرَ كاتبها، ويجدون بها عزاءً لأحزانهم وآلامهم، يقتبسون منها سطوراً، يكتبونها في أوراق معطَّرة يرسلونها لأحبائهم، أو ينتقون منها كلماتٍ يبعثونها برقياتٍ عاجلة، تعبّر عن لواعج الشوق وآهات الحنين.
لمن أكتب؟ للحياة، للناس، لكل الكائنات، للمجروحين والمهجورين في الزوايا المظلمة، للمطعونين والمغدورين بخناجر الوعود الزائفة، لمن مزّقَتهم أنصال الأوهام، وابتلعتهم ثقوب الكذب السوداء، وفرّقتهم الظروف القاسية، فباتوا بعيدين عن أحلامهم، مرافقين لأحزانهم، يراقبون طلوعَ الشمس وظهورَ القمر، وتجدّد الأيام والليالي، على أمل تجدّد أفراحهم وانبعاثها بَعد موتها.
أكتب لهم وعنهم وإليهم، لا أتسلّى بقصصهم، ولا أرقص على جراحهم، ولا أبيعهم الأوهام، بل أفتح لهم نوافذ الأمل بيوم أجمل يصنعونه بأيديهم أولاً، وأدفع إلى صدورهم هواءَ التفاؤل بمستقبَلٍ أفضل يبنونه برغبتهم دون سواهم، وأُشعل لهم شموعَ الفرح، ليحافظوا عليها متّقدة مهما عصفتْ بها الأنواء.
ويبقى طريقُ الكتابة ذلكَ الطريق الأخضر الممتدّ، يأخذنا إلى روضات الفكر وبساتين البهجة وآفاق الدهشة اللامتناهية، محاولين المضيّ بإنسانيتنا إلى دنيا السعادة الغامرة لأرواحنا وعقولنا، كلما شملتنا الفرحةُ سطّرناها حروفاً من غيمات وفراشات وورود، وكلما باغتتنا الهموم أفرغنا سوادَها على الأوراق البيضاء، متخفّفين مِن بعض أحمالها، يقيناً منّا بأن الحياة مليئة بلذة لن نشعر بطعمها، ما لم نتجرّع بعضَ مرارات الغُصص.
ــــــــــــــــــــــــ
* المقال منشور في صحيفة الرؤيَة الإماراتية.
ــــــــــــــــــــــــ
يوسف بخيت الزهراني ـ كاتب المقال
ردحذفالباحة ـ المملكة العربية السعودية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طابت أوقاتكم جميعًا بكل خبر
هذا مقالي الجديد بعد انقطاع عن الكتابة والنشر خلال الفترة الماضية، لظروف خارجة عن إرادتي.
أعتذر إليكم أصدقائي، وأشكر لكم كريم متابعتكم ودعمكم المستمر.
هذا حسابي في تويتر: yba13@
وهذا بريدي الإلكتروني:
anayba2013@gmail.com
يسعدني استقبال ملاحظاتكم على ما أكتب، مع شكري الجزيل لمشاعركم الطيبة، وحُسن ظنكم بصاحبكم.
والله يكلؤنا جميعًا برعايته ولُطفه.
خالد عبدالله الجهني ـ جدة
ردحذفأهلا وسهلا بعودتك أستاذ يوسف
افتقدناك خلال الفترة الماضية، وافتقدنا حروفك البديعة.
بالرغم من الغياب، إلا أنك يا أستاذ يوسف في كامل تألقك وإبداعك، كما عرفناك وأحببناك.
ما شاء الله لا قوة إلا بالله.
ومقالك هذا في غاية الجَمال من حيث اللغة والمضمون، فأنت رعاكَ الله متميز بأسلوبك الكتابي،
وأفكارك الإنسانية المتجددة والمتنوعة، حيث قرأنا اليوم عن جانب إنساني رائع في شخصيتك الجميلة.
تحياتي وتقديري لشخصك الكريم، ولا يفوتني أن أقدّم لحضرتك التهنئة بالكتابة في صحيفة الرؤية الإماراتية،
وفقك الله وإلى المزيد من العطاء والإبداع..
هند المزروعي ـ الإمارات ـ أبو ظبي
ردحذفأشكرك أستاذ يوسف على هذا المقال الرائع، والمشاعر الإنسانية الصادقة،
ونتشرف بوجود قلمك الجميل
في صحيفة الرؤية.
أحمد الكناني ـ من السعودية
ردحذفالله الله ما أصدق هذا المقال وما أجمله من كاتبنا الكبير
الأستاذ يوسف بخيت الزهراني
أنا قرأتُ المقال ثلاث مرات، وفي كل مرة أجد فيه المتعة والدهشة.
ما شاء الله عليك.
أتمنى لك كل الخير والتوفيق.
محمد الشافعي ـ القاهرة
ردحذفالأستاذ يوسف الزهراني صاحب قلم مبدع، أقرأ مقالاته فأشعر بالكثير من الدهشة،
وذلك لامتلاكه لغة كتابية رائعة، وشعور إنساني نبيل، وهذا هو الكاتب الحقيقي الذي
يستفيد منه القارئ ويتعلم منه الكثير.
دعواتي لك بالتوفيق.
أسماء محمد ـ السعودية
ردحذفأستاذ يوسف
مقالك رووووعة
شكرا جزيلا لك
عُمر الحازمي ـ السعودية
ردحذفإبداع من الأستاذ يوسف
ورؤية موفقة لفن الكتابة..
نورة إبراهيم
ردحذفمقال جميل لامَسني كثيرا وفرحتُ به..
عندما تفكر وتكتب فأنت تتنفس..!
هند
ردحذفمقال مميز بكل معاني الكلمة..
أحلام الزهراني
ردحذفأبدعتَ يا أستاذ يوسف...
أمل عبدالله
ردحذفدائما مبدع
ميسون السعيد - الأردن
ردحذفالكتابة ليست قرارا، بل شيء يشبه تخطي حدود الألم والسعادة باللا وعي.
أن تكتب يعني أن تضع نفسك مرآة وترسمها بشفافية وجَمال.
تطرقك رائع، وتسلسلك دقيق، تحدثتَ عن كل مرحلة حتى وصلتَ لنهاية ما تود، بل تحدثتَ عن أفكارنا وترددها في البقاء حتى الاستقرار.
ردحذفأمل الدوسري
حذفتطرقك رائع، وتسلسلك دقيق، تحدثتَ عن كل مرحلة حتى وصلتَ لنهاية ما تود، بل تحدثتَ عن أفكارنا وترددها في البقاء حتى الاستقرار.
أمل amal230a@
ردحذفمقال يصف بوضوح حالنا الآن..
الكتابة بوابة عبور
موجة عالية تارة وتارة أخرى هادئة
لن تستطيع إلا إن كنتَ بحارا.!!
سمر
ردحذفمقال جميل جدا
شكرًا لجَمال حروفك
إني راحلة
ردحذفمقال عميق، ورؤية ثاقبة، تجمل الخلل في فشل عملية الكتابة عند بعض الكُتاب، رغم امتلاكهم الموهبة..
وفاء الراجح
ردحذفكتبتَ وأوجزتَ وأبدعت
مقال رائع
شمس
ردحذفمقال رائع يوسف
أم فيصل
ردحذفمقال جدا رائع..
لماذا نكتب؟!
مازن السُّلمي
ردحذفأجوبة الكتابة: "الحياة مليئة بلذة لن نشعر بطعمها، ما لن نتجرع بعض مرارات الغُصص".
أناهيد السعودي
ردحذفموضوع رائع جدا ومهم لكل مَن ملّ أو تكاسل عن الكتابة.
وفقك الله أستاذ يوسف.
خريف العمر
ردحذفمقال جميل،، سلمت أناملكَ المبدعة،،
الورد
ردحذفمقال في قمة الروعة والجَمال...
لا فُض فوك، وسلمت يمين خطته..
جود شمّر
ردحذفمقال روووعة.. يسلَم إبداعك