الكلمةُ الطيّبة..لماذا لانقُولها؟!
يوسف بخيت الزهراني
عنوانُ هذا المقال هو تساؤلٌ قصيرٌ قديم،أشغلني زمناً طويلاً ومازال.!
وماسأقولُه لكم ليست إجابات عن هذا التساؤل،وإنما هي مجرّد احتمالات أضعها بين أيديكم،فاقبلوا منها ماتحبون،أو اتركوها كلها إن شئتم.!
لعل المجهود أو التعب،هو أول أسباب الامتناع عن قول الكلمة الطيبة،فهل الأمر كذلك؟
تعالوا نتأكّد،عندما يقول أحدُنا لمن أسدى إليه معروفا:جزاك الله خيرا،أو حتى كلمة:شكرا،فهل في قول ذلك مشقة؟!
الجواب بكل تأكيد:لا.
وبهذا نستبعد احتمال أن يكون المجهود مانعاً لقول كلمة طيبة.
هناك احتمال آخر،قد يمنعنا من النطق بحلو الكلام،
إنه الوقت،فهل هذا صحيح؟
ياترى،كم يستغرق من الزمن نطق كلمة:أحبك؟!
أو كم يلزمنا من الوقت لنقول:
أنا سعيدٌ برؤيتك؟!
يبدو أن أجزاءً من الثانية نقول فيها كلاماً طيبا،لن تكون هدراً كبيرا لأوقاتنا،التي نقضي ساعاتٍ منها في أمور لاتعود علينا بأدنى فائدة.!
طيّب،لربما كان الجَهل هو المانع دون أن نقول جميل الكلام،فهل بيننا من لايعرف الأثر الإيجابي للطيب من القول؟!أو لايعرف الأجر المترتب عليه من الله تعالى؟!
أنا أستبعد احتمال الجهل تماما،لأن الصغير والكبير يعرفان أهمية إلقاء السلام والتبسّم،وأن:"الكلمة الطيبة صدقة".
لقد بدأتُ أشعر بالحيرة فعلا،فإذا كنا لانبذل جهداً ولانستغرق وقتاً في قول كلمةٍ نُسعد بها القريب والبعيد،مع إدراكنا التام لأهمية الكلمة الطيبة،وعظيم أثرها في نفس المستمع،فما عسى المانع أن يكون؟!
لاأظن أن المانع خيراً في هذه الحالة،كما نردّد دائما.
إن من يجد لسانه جافاً عن نطق عذب الكلام،ومعقوداً عن الشكر والتقدير للآخرين،فإني أتقدّمُ إليه بأحرّ التعازي وصادق المواساة،في فقدانه لجانب بالغ الأهمية من حياته،وكإنسان حيّ له روح وإحساس.!
وهل بقي لديه من الإنسانية شيء،وهو مجرد تمثال من الخزف لايَنطق جميلاً ولايداوي عليلا؟!
لاأريد من سائلٍ أن يسألني عن الدواء لهكذا حالة،فأنا أخشى كثيراً أن أكون:طبيباً يداوي الناس وهو عليلُ.!
لكني أعتقدُ جازما،بأن التسامح والتصالح مع الذات هو أول درجة في سلّم العلاج،فكل نفْس اطمأنّت بالسكينة،وكل قلبٍ فاض بالحُب،هما أحرى بأن يبذلا المودّة والخير للغير.
يقول الإمام الشافعي رحمه الله:
لما عفوتُ ولم أحقد على أحدٍ
أرحتُ نفسي من هم العداواتِ
وربما كان أحد الحلول تعويد الإنسان لنفسه الجميل من القول،حتى تألفه وتعتاده.
وهذه الوصفة ليست من عندي،بل من أمير الشعراء أحمد شوقي رحمه الله الذي قال:
صلاحُ أمرك للأخلاقِ مَرجِعهُ
فقوّم النفسَ بالأخلاق تستقمِ
الكلمة الطيبة لاتستحق التأجيل،والمشاعر الصادقة لاتحتمل الكبرياء والاعتداد بالنفس أكثر من اللازم.
فهلمّوا بنا جميعا،نعبّر عن مشاعرنا بصدقٍ لاكذبَ فيه،وبمحبةٍ لاكراهيةَ معها،ناشرين بالكلماتِ العذبةِ عبيرَ المودّة وشذا البَهجة.!
ــــــ
نقلاً عن صحيفة مكَّة (الورقيّة)
للتواصُل مع الكاتب:
تويتر yba13@
بريد إليكتروني:
anayba2013@gmail.com
ـــــــ
*كاتب بصحيفة مكَّة (الورقيّة)
في صفحة الرأي
كل أربعاء
أحمد الشريف ـ مكّة المكرمة
ردحذفالكاتب الوجداني المتميّز
الأستاذ يوسف الزهراني
شكراً جزيلاً لهذا التألّق الفكري والسموّ الروحي الذي تحلّق بنا إليه.
كم تسعدني قراءة مقالاتك،وكم تضيف لي من الفائدة العقلية،والمتعة الفكرية.
استمر أيها المبدع في عطائك
واعلم أني من الذين يتشرفون بمتابعة حسابك في تويتر yba13@ وأتابع كتاباتك واختياراتك باستمرار.
شكراً لحضرتك،وشكراً لصحيفة مكة الورقية التي تقدّم لنا روائع الأقلام وقلمك واحد منها.
لك منّي أطيب الأمنيات بالسعادة
وصادق الدعوات بمزيد التوفيق.
انا مازلت معجب بأسلوبك وعرضك للحالات ومناقشتها بشكل ممتاز
ردحذفانت تمتلك فقه اجتماعي وبصيرة نافذه لحل المشكلات والحالات
انا متابع جيد لك أتمنى لك التوفيق والسداد
اخوك فيصل