في وداع المَلك عبدالله رحمهُ الله
يوسف بخيت الزهراني*
الإيمانُ بقضاء الله تعالى وقَدره، أقوى سلاح في معركة الحياة الطويلة، وهو خيرُ سلاح لمن جعله رفيقَه الدائم وصاحبَه الملازم.
أصابني نبأُ وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمهُ الله بصدمة وألم كبيرين، ولستُ الوحيد في تلك الصدمة وذلك الألم، فكل أبناء المملكة العربية السعُودية، والمقيمين على أرضها الطيّبة نالوا نصيبهم الوافر من ذلك الوجع.
ولأن الفَقد كان لرجُل بمكانة الراحل الكبير، فإن خارطة الألم قد اتّسعت لتشمل أوطان العَرب والمسلمين، ومحبّي السلام في العالم.
وقد ملأت أرقامُ الإنجازات التنموية للملك الراحل الصحف ووسائل الإعلام المتعددة، ولغة الأرقام لا تكذب، وكل منصف يعلم بأن السنين العشر الخضراء التي حكم خلالها مليكُنا الراحل هذه البلاد الشامخة، قد شهدتْ قفزات ضخمة، في شتّى نواحي الحياة الاجتماعية والتنموية.
ومع انشغال عقل الفقيد بتنمية الإنسان والمكان، إلا أن قلبه امتلأ عطفاً ومحبةً.
فمن منّا يَنسى دموعه الأبوية الصادقة، في احتفال أهالي منطقة القصيم في 2006/6/15م، وهو يَحتضن ويُقبّل الأطفال من أبناء وبنات الشهداء العسكريين، الذين توفاهم الله تعالى في مواجهة الإرهابيين العابثين؟!
وتعالوا معي الآن نقرأ هذه الكلمات، من خطابه في مجلس الشورى بتاريخ 2007/4/14م ومنها هذه الكلمات الخالدة:
(من حقّكم عليّ أن أضربَ بالعدل هامة الجور والظلم).
وقد تحقّق ذلك الوعد في تطوير مرفق القضاء، ولا عجب في ذلك من رجُل عاش للعدل وبالعدل.!
أما العبارات التي اخترقَت تفكيري وسكنت فؤادي منذ سبع سنين مضت، فكانت ضمن خطاب فقيدنا الكبير، جعل الله الفردوس الأعلى منزله، وذلك في مجلس الشورى بتاريخ 2008/3/15م حين قال عليه شآبيبُ الرحمة:
(يَشهدُ الله تعالى أنّني ما تردّدتُ يوماً في توجيه النقد الصادق لنفسي، إلى حدّ القسوة المرهقة، كل ذلك خشية من أمانة أحملها، هي قَدري وهي مسؤوليتي أمام الله جلّ جلاله، ولكن رحمته تعالى واسعة، فمنها أستمدُّ العزمَ على رؤية نفسي وأعماقها...
ولنتذكّر جميعا، أننا مسؤولون أمام الله ثم أمام شَعبنا ووطننا، نستحضر في كل أمر قولَ الله تعالى:
"ولقد خلقنا الإنسانَ ونعلمُ ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد".).
هل رأيتم وسمعتم مسؤولاً يقول مثل هذه الكلمات المُغرقة في محاسبة النفس، وأخْذها بشديد اللوم، في خِطابٍ تنقله شاشات التلفزة على الهواء؟!
واليوم ثقتنا الكبيرة بلا حد، مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمير مقرن بن عبدالعزيز، وسمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف، فأنعِم وأكرِم بهم من قادة، خدموا الوطَن والمواطن بوقتهم وصحّتهم، وما زالوا على درب الحق سائرين.
رحم الله البطل المؤسّس الملك عبدالعزيز وأبناءه الملوك، وعاشت بلادُنا عزيزةً منيعةً في وجه كل حاقد، متمسّكةً بعُرى الدين الحنيف.
ـــــــ
نقلاً عن صحيفة مكَّة (الورقيّة)
للمزيد من المقالات يمكنكم لمس صورة الكاتب الشخصية أعلى الصفحة.
للتواصُل مع الكاتب:
تويتر yba13@
بريد إليكتروني:
anayba2013@gmail.com
ـــــــ
*كاتب بصحيفة مكَّة (الورقيّة)
في صفحة الرأي
كل أربعاء