السبت، 27 فبراير 2016

سُمّ العادة

يوسف بخيت الزهراني

سُمّ العادة *

لماذا يتسلّل المللُ إلى حياتنا؟ ولماذا يداهم السأمُ العلاقات بين الأزواج والأقارب والأصدقاء؟ سؤالان مهمان يتطلبان وعياً شاملاً وتأملاً عميقاً للوصول إلى إجابتهما، وأنا لا أدّعي امتلاك الوعي والتأمّل، لكن الأمر يستحق محاولة الإجابة مع حضراتكم، لعلنا نصل جميعاً إلى النتيجة المبتغاة.
هناك أسباب عديدة لما يعانيه كثير مِن الناس مِن ملل وسأم، لكن أخطر تلك الأسباب ـ برأيي المتواضع ـ هو أننا نمارس حياتنا اليومية برتابة قاتلة، وكأمور اعتيادية نفعلها بشكل آلي، بلا رغبة فعلية ومحبة حقيقية.
قرأتُ في زمن قديم هذه العبارة الآسرة بمعناها: منتهى السعادة أن تصبح موهبتك هي وظيفتك، وحبيبتك هي زوجتك، وأمَلك هو إيمانك، وحلمك هو شغفك.
في بداية تعلّم الإنسان أيّ أمر، مثل قيادة السيارة أو الكتابة على جهاز الكومبيوتر الشخصي ـ كهذا الذي أكتب لكُم عليه ـ أقول: في بداية تعلّم الإنسان هذين الأمرين أو غيرهما، فإنه يركّز جُلّ اهتمامه على الخطوات الأساسية، ولعله يجد نشوة في بداية الممارسة، ولكن مع الوقت تصبح هذه الأفعال (روتيناً) اعتيادياً، يؤديه الشخصُ حتى أثناء تناوله الطعام أو الحديث مع مَن بجانبه.
وهذا المثال يحاكي ـ كثيراً ـ حياة الإنسان، حيث يجد سعادة في بداية العلاقة الإنسانية، سواء كانت زواجاً أو صداقةً أو في وظيفته ومع زملائه، ثم يلعب الزمن لعبته بغير إدراك مِن صاحبنا الإنسان، فتتحول العلاقات بفعل العادة إلى سُمّ قاتل، يجلب له كآبة لا يَعرف لها سبباً.
ولا يقِل سُمّ العادة خطراً، إذا وصل للعبادة وأفسد روحَها وقضى على الهدف الحقيقي منها، وهو إصلاح الأخلاق وتهذيبها، وحُسن المعاملة مع جميع الكائنات والإحسان إليها، وفي آيات القرآن الكريم الكثير مِن الشواهد على ذلك، يقول الله عز وجل «إنّ الصلاةَ تنهى عن الفحشاء والمنكر»، ويقول سبحانه «يا أيها الذين ءامَنوا كُتب عليكم الصيامُ كما كُتب على الذين مِن قبلكم لعلكم تتقون».
إنّ التقوى والإنسانية هُما هدفا العبادة في أسمى وأنقى معانيها، وحين تتحول عباداتنا لمجرد أفعال وأقوال معتادة؛ فإن أخلاقنا وأحوالنا لن تنصلح ولو قضى أحدُنا حياتَه مصلياً صائماً، إلا إذا تداركنا أنفسنا، وكان لعبادتنا أثر إيجابي، ينعكس على أقوالنا وأفعالنا وردّات أفعالنا.
قد يقول لي قارئ كريم: تأخرتَ كثيراً يا يوسف، فسُمّ العادة قد خالَط علاقاتي، وأَفسَد طَعم حياتي، وذهب بروح عبادتي، ولن أَكذب عليه حين أجيبه: يا عزيزي، ما دام أنّ أنفاسك تتردّد بصدرك فالحياة أمامك، ونوافذ الأمل مشرعة بوجهك، وخطوط العودة مفتوحة دائماً كما يقال، فتوكّل على خالقك العظيم الرحيم، وانشغِل بإصلاح أمورك، وتدارك ما فاتك، وعِش حياتك بالرضى والطمأنينة، وتأكّد أنك مهما بالغتَ في أمنياتك، فهناك مَن يعلَم السر وأخفَى، وأمْر الكون لديه جلّ شأنه في حرفين: «كُن فيكون».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* مقال منشور في صحيفة الرؤية الإماراتية.
للتواصل مع الكاتب:
تويتر yba13@

بريد إليكتروني:
anayba2013@gmail.com
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

للمزيد من المقالات، يمكنكم لمس صورة الكاتب الشخصيّة أعلى هذه الصفحة.
كما يوجد سهم أسفل الصفحة يسار هذا شكله > باللّمس عليه تظهر المقالات الأقدم.
وسهم آخَر بهذا الشكل < أسفل الصفحة يمين للعودة للمقالات السابقة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طريقة التعليق على المقال:
الذهاب تحت المقال
ثم اختيار: إرسال تعليق
وكتابة التعليق المرغوب، مع أهمية كتابة الاسم والمدينة أو الدولة في أعلى التعليق.
ثم الذهاب إلى خانة: التعليق بِاسم، لاختيار ملف التعريف.
واختيار: مجهول
ثم الاستمرار في إجراءات سهلة، كوضع علامة √ على بعض الصور.
ثم: نشر.
شكرًا دائمًا للجميع ღ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سُمّ العادة

يوسف بخيت الزهراني

سُمّ العادة *

لماذا يتسلّل المللُ إلى حياتنا؟ ولماذا يداهم السأمُ العلاقات بين الأزواج والأقارب والأصدقاء؟ سؤالان مهمان يتطلبان وعياً شاملاً وتأملاً عميقاً للوصول إلى إجابتهما، وأنا لا أدّعي امتلاك الوعي والتأمّل، لكن الأمر يستحق محاولة الإجابة مع حضراتكم، لعلنا نصل جميعاً إلى النتيجة المبتغاة.
هناك أسباب عديدة لما يعانيه كثير مِن الناس مِن ملل وسأم، لكن أخطر تلك الأسباب ـ برأيي المتواضع ـ هو أننا نمارس حياتنا اليومية برتابة قاتلة، وكأمور اعتيادية نفعلها بشكل آلي، بلا رغبة فعلية ومحبة حقيقية.
قرأتُ في زمن قديم هذه العبارة الآسرة بمعناها: منتهى السعادة أن تصبح موهبتك هي وظيفتك، وحبيبتك هي زوجتك، وأمَلك هو إيمانك، وحلمك هو شغفك.
في بداية تعلّم الإنسان أيّ أمر، مثل قيادة السيارة أو الكتابة على جهاز الكومبيوتر الشخصي ـ كهذا الذي أكتب لكُم عليه ـ أقول: في بداية تعلّم الإنسان هذين الأمرين أو غيرهما، فإنه يركّز جُلّ اهتمامه على الخطوات الأساسية، ولعله يجد نشوة في بداية الممارسة، ولكن مع الوقت تصبح هذه الأفعال (روتيناً) اعتيادياً، يؤديه الشخصُ حتى أثناء تناوله الطعام أو الحديث مع مَن بجانبه.
وهذا المثال يحاكي ـ كثيراً ـ حياة الإنسان، حيث يجد سعادة في بداية العلاقة الإنسانية، سواء كانت زواجاً أو صداقةً أو في وظيفته ومع زملائه، ثم يلعب الزمن لعبته بغير إدراك مِن صاحبنا الإنسان، فتتحول العلاقات بفعل العادة إلى سُمّ قاتل، يجلب له كآبة لا يَعرف لها سبباً.
ولا يقِل سُمّ العادة خطراً، إذا وصل للعبادة وأفسد روحَها وقضى على الهدف الحقيقي منها، وهو إصلاح الأخلاق وتهذيبها، وحُسن المعاملة مع جميع الكائنات والإحسان إليها، وفي آيات القرآن الكريم الكثير مِن الشواهد على ذلك، يقول الله عز وجل «إنّ الصلاةَ تنهى عن الفحشاء والمنكر»، ويقول سبحانه «يا أيها الذين ءامَنوا كُتب عليكم الصيامُ كما كُتب على الذين مِن قبلكم لعلكم تتقون».
إنّ التقوى والإنسانية هُما هدفا العبادة في أسمى وأنقى معانيها، وحين تتحول عباداتنا لمجرد أفعال وأقوال معتادة؛ فإن أخلاقنا وأحوالنا لن تنصلح ولو قضى أحدُنا حياتَه مصلياً صائماً، إلا إذا تداركنا أنفسنا، وكان لعبادتنا أثر إيجابي، ينعكس على أقوالنا وأفعالنا وردّات أفعالنا.
قد يقول لي قارئ كريم: تأخرتَ كثيراً يا يوسف، فسُمّ العادة قد خالَط علاقاتي، وأَفسَد طَعم حياتي، وذهب بروح عبادتي، ولن أَكذب عليه حين أجيبه: يا عزيزي، ما دام أنّ أنفاسك تتردّد بصدرك فالحياة أمامك، ونوافذ الأمل مشرعة بوجهك، وخطوط العودة مفتوحة دائماً كما يقال، فتوكّل على خالقك العظيم الرحيم، وانشغِل بإصلاح أمورك، وتدارك ما فاتك، وعِش حياتك بالرضى والطمأنينة، وتأكّد أنك مهما بالغتَ في أمنياتك، فهناك مَن يعلَم السر وأخفَى، وأمْر الكون لديه جلّ شأنه في حرفين: «كُن فيكون».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* مقال منشور في صحيفة الرؤية الإماراتية.
للتواصل مع الكاتب:
تويتر yba13@

بريد إليكتروني:
anayba2013@gmail.com
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

للمزيد من المقالات، يمكنكم لمس صورة الكاتب الشخصيّة أعلى هذه الصفحة.
كما يوجد سهم أسفل الصفحة يسار هذا شكله > باللّمس عليه تظهر المقالات الأقدم.
وسهم آخَر بهذا الشكل < أسفل الصفحة يمين للعودة للمقالات السابقة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طريقة التعليق على المقال:
الذهاب تحت المقال
ثم اختيار: إرسال تعليق
وكتابة التعليق المرغوب، مع أهمية كتابة الاسم والمدينة أو الدولة في أعلى التعليق.
ثم الذهاب إلى خانة: التعليق بِاسم، لاختيار ملف التعريف.
واختيار: مجهول
ثم الاستمرار في إجراءات سهلة، كوضع علامة √ على بعض الصور.
ثم: نشر.
شكرًا دائمًا للجميع ღ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السبت، 20 فبراير 2016

زجاجة عِطر

يوسف بخيت الزهراني

زجاجة عِطر *

حواس الإنسان عالَم عجيب يستحق التأمل كثيراً، وأنا لا أقصد فقط الحواس الخَمس التي درسناها صغاراً، فهناك الحواس الداخلية التي نشعر من خلالها بأحاسيس مختلفة، ما بين الحُب والخوف والرجاء، وإحساس النشوة والجوع والألم، ولا أنسى ذلك الشعور الخفيّ الذي نعجز عن قوله أو وصفه، هل تعرفونه أعزائي؟!
لا شك بأنكم مررتم به في يوم من الأيام، وهو يخالجنا بين الحين والآخر، عندما يقول أحدُنا: شعرتُ بشعور غريب، لا أعلم تماماً ما هو!
وهناك المشاعر التي لَم تحدُث لنا، ولكننا نحس باقترابها منا، هكذا بلا سابق إنذار، نجد أنفسنا سعداء متفائلين؛ فتتحقق لنا أشياء سعيدة في الأيام التالية، أو العكس، وكل ذلك بمشيئة الله تعالى وإرادته سبحانه.
وحاسة الشمّ إحدى حواسنا الخَمس، وهي لا تقل أهمية عن بقية الحواس في تكوين الانطباع عن الأماكن والأشخاص، فتنجذب أنفسنا إلى مكان ما أو شخص بعينه أو تهرُب منهما.!
وفي قصة نبي الله يوسف يقول الله تعالى، حكاية عن أبيه يعقوب عليهما السلام «إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفنّدون»، وقد أخبرني سيّدي الوالد عليه شآبيب الرحمة عن تأثره بالقصة كثيراً، ولهذا اختار لي اسم يوسف.
إنها لغة الرائحة وما تحمله من رسائل وإشارات، وما تتركه بذاكرتنا من مشاعر وذكريات ترحل بنا بعيداً لسنين مضت وأصبحت ذكرى، وتأخذنا إلى أشخاص وأماكن ومواقف تحتفظ بها عقولنا.
تنتظم زجاجات العطور في غرف نومنا بجوار بعضها، وتتنوع أشكالها وروائحها، تختلف حكاياتنا وذكرياتنا معها، فهذه الزجاجة من حبيب يقيم بالقلب، وتلك من صديق أثير، وزجاجة من عزيز راحل.
حتى تعاملنا مع الزجاجات يختلف، فنلاحظ أن إحداها على وشك أن ينتهي منها العطر، لكثرة ما نستخدمها، ولأنها غالية في ذكراها، ولدينا الرغبة أن نستعيد تلك الذكرى كلما تسلّل عبيرها إلى أنوفنا، بينما الأخرى كاملة لم نستخدمها، ربما لأننا نهرب مِن ذكراها المؤلمة والمحزنة، لعلها لحبيب هجرنا، أو لعزيز فارقنا بالموت، والثالثة تنتهي سريعاً لكننا نشتريها مجدداً، لشعورنا معها بحياة مختلفة لأسباب وأسرار نحتفظ بها.!
أيها الأعزاء، زجاجات العطر ليست مجرد هدايا جامدة، بل هي مرايا لمراحل حياتنا، نشاهد فيها وجوه مَن أحببناهم وأحبونا، ووجوه مَن هجرونا بلا سبب، ووجوه مَن انقضت أعمارهم وانتقلوا إلى رحمة الله تعالى، فإذا شممنا رائحة أحبائنا انتعشت فينا مشاعر الفرح، أما إن باغتتنا رائحة مَن تركونا فإن الغصة تعتصر قلوبنا، وإذا عبقت روائح الراحلين لفّتنا مشاعر الألم.
العطر رفيقنا الدائم، وملهمنا الأثير، نرشه على أيدينا وملابسنا، نتنفس الرائحة عميقاً، تتبعها آهات لا نستطيع رَدّها، يسرح معها الخيال بعيداً، تنتهي زجاجة العطر وتبقى ذكرياتها، ترافقنا في أيام السعادة وليالي الشوق، لتصنع لنا حياةً موازية، عابقة بشذى الفرح وممزوجة بعبير الذكريات.!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* مقال منشور في صحيفة الرؤية الإماراتية.
للتواصل مع الكاتب:
تويتر yba13@

بريد إليكتروني:
anayba2013@gmail.com
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

للمزيد من المقالات، يمكنكم لمس صورة الكاتب الشخصيّة أعلى هذه الصفحة.
كما يوجد سهم أسفل الصفحة يسار هذا شكله > باللّمس عليه تظهر المقالات الأقدم.
وسهم آخَر بهذا الشكل < أسفل الصفحة يمين للعودة للمقالات السابقة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طريقة التعليق على المقال:
الذهاب تحت المقال
ثم اختيار: إرسال تعليق
وكتابة التعليق المرغوب، مع أهمية كتابة الاسم والمدينة أو الدولة في أعلى التعليق.
ثم الذهاب إلى خانة: التعليق بِاسم، لاختيار ملف التعريف.
واختيار: مجهول
ثم الاستمرار في إجراءات سهلة، كوضع علامة √ على بعض الصور.
ثم: نشر.
شكرًا دائمًا للجميع ღ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السبت، 13 فبراير 2016

أَحِبُّوا أَنفُسَكُم

يوسف بخيت الزهراني

أَحِبُّوا أَنفُسَكُم *

الشائع بين الناس عن الشخصِ الأناني أنه المحب لنفسه، وهذا تضييق خاطئ لمفهوم حُب الذات، ولستُ في حاجة هنا لإيضاح معنى الأنانية، لكن هل مِن الخطأ أنْ يحب الإنسانُ ذاتَه؟! وبما أنّي أعشق الفلسفة، فسأنطلق في السطور القادمة لمحاولة الإجابة عن السؤال السابق.
حُب الذات يا أعزائي لا يعني الأنانية، أو العزلة النهائية عن الناس، بل إنّ المحبّ لنفْسه والمتسامح معها، يفيض محبةً على الآخَرين، ويسعَد بمشاركتهم لحظاتهم الحزينة والسعيدة، أما الشخص اليائس والمحبَط فإنه كاره لنفسه، لتوهمه أنه في ظلام، بينما كلّ ما حوله نور وأمل.
إذا أحبَبنا أنفسَنا أحببنا غيرَنا، فالسلام والصفاء يبدأ مِن داخلنا، ثم ينتشر ويشعّ رحمةً ونورًا وسعادةً تغمر القريبَ والبعيد، ويهطل غيثُ المشاعر على قلوب أضناها هجيرُ الفراق وآلام الحياة، فتنبت زهورُ الأمل وتورقُ رياحين التفاؤل.
عند ركوبنا الطائرة، نشاهد تعليمات السلامة في حالة الطوارئ لا قدّر الله، ونلاحظ الإشارة إلى ضرورة وضْع قناع الأوكسجين لأنفسنا أولاً، ثم وضعه لأطفالنا بجوارنا، فهل هذه أنانية؟! كلا، بل هي تأكيد على أنّ مساعدة أحدِنا لنفْسِه، تؤهله بقوة لمساعدة غيره.
في حوار لطيف ظريف خفيف مع صديق، قال لي: في كلامك تناقض واضح، فكيف تحب نفسَك، وتزعم أنك تحب أحبابَك وأصدقاءك؟ أجبتُه: يا صديقي الأثير، أنتَ تتحدث هنا عن قِصتين للحُب، بينما لا توجد إلا قصة واحدة، قاطَعَني الصديقُ متسائلاً: كيف ذلك؟! قلتُ له: يا عزيزي: أَحبّتي وأصدقائي جزء أصيل منّي، وأنا حين أحبهم فأنا في واقع الأمر أُحبُّ ذاتي.!
أعزائي، إذا رأيتم إنساناً بطبعٍ غليظٍ وأخلاقٍ سيئة، وغضَبٍ مستمرٍ بلا مبرر، فاعلموا يقيناً أنه كاره لنفسه، وفي خصومةٍ دائمةٍ معها، والأسباب يُسأل عنها الشخص دون غيره، فهو الأدرى بحاله، وإن كان يجهل الأسباب، فإن أعظم الجهل أن يجهل الإنسان كوامن نفْسه.!
ويا للعجب حين نصاحب أقواماً مُدة مِن الزمان، ولا نتذكّر أننا شاهدنا أسنانَهم في مرّة مِن المرات. وما ذاك إلا لتجاهلهم ـ وليس لجهلهم ـ أنّ الابتسامة صدقة مِن الإنسان على نفْسِه وغيرِه، كما جاءت بذلك السيرة النبوية العطِرة لنبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي أدبنا العربي قصيدة شامخة إبداعاً وحكمة، للشاعر إيليا أبو ماضي، اخترتُ منها هذه الأبيات خاتمةً للمقال:
قلتُ: ابتسِم، يَكفيكَ أنَّكَ لَمْ تَزَلْ
حيّاً ولستَ مِنَ الأحبّةِ مُعْدَما
قال: الليالي جَرَّعتْنِي عَلْقَما
قلتُ: ابتسِم، ولئنْ جَرَعْتَ العَلقَما
فلعلَّ غيرَكَ إنْ رآكَ مُرَنَّما
طَرَحَ الكآبةَ جانباً وتَرنَّما.!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* مقال منشور في صحيفة الرؤية الإماراتية.
للتواصل مع الكاتب:
تويتر yba13@

بريد إليكتروني:
anayba2013@gmail.com
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

للمزيد من المقالات، يمكنكم لمس صورة الكاتب الشخصيّة أعلى هذه الصفحة.
كما يوجد سهم أسفل الصفحة يسار هذا شكله > باللّمس عليه تظهر المقالات الأقدم.
وسهم آخَر بهذا الشكل < أسفل الصفحة يمين للعودة للمقالات السابقة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طريقة التعليق على المقال:
الذهاب تحت المقال
ثم اختيار: إرسال تعليق
وكتابة التعليق المرغوب، مع أهمية كتابة الاسم والمدينة أو الدولة في أعلى التعليق.
ثم الذهاب إلى خانة: التعليق بِاسم، لاختيار ملف التعريف.
واختيار: مجهول
ثم الاستمرار في إجراءات سهلة، كوضع علامة √ على بعض الصور.
ثم: نشر.
شكرًا دائمًا للجميع ღ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السبت، 6 فبراير 2016

إلى أبطال الحَدّ الجنوبي

يوسف بخيت الزهراني

إلى أبطال الحَدّ الجنوبي *

يهدينا أحدهم هدية ثمينة أو رخيصة فنطير بها فرَحاً، وقد يصنع لنا إنسان معروفاً فنشكره عليه حيناً من الدهر، وربما يبتسم شخص في وجوهنا فنعتبر ابتسامته باباً للفرح، لا شك في أن هذه الأشياء والمواقف قيمتها غالية وأثرها الإيجابي يبقى في النفْس والذاكرة مدى العمر.
لكن ما رأيكم في من يهدينا حياته ويضحي بسعادته وراحته لأجلنا؟ ماذا تقولون في الذين يفترشون أديم الأرض ويلتحفون زرقة السماء؟ لا يتأمّلون النجوم ليلاً ولا يتمتعون برؤية الأرض وكائناتها وتضاريسها نهاراً، بل ينهمكون في أمر يهمّنا دون غيرنا.
كيف تكافئون من فارقوا زوجاتهم وأطفالهم وأقاربهم ومنازلهم لنسعد في منازلنا ومع عائلاتنا؟ في أي مكانة تضعون أولئك البشر الأكثر عَظَمة وشجاعة ورجولة وتضحية؟ وما السبيل لردّ معروفهم؟
إنهم رجال القوات المسلحة بمختلف فروعها في المملكة العربية السعودية وفي دولة الإمارات ودول التحالف المشاركة بعمليات عاصفة الحزم، المرابطون على حدود المملكة الجنوبية دفاعاً عن المملكة وَرَدّاً لعدوان عصابات الإجرام والفساد التي تعيث خراباً في أرض دولة اليمن الشقيق، حيث أرسلتْ قيادتُها الشرعية طلباً للنصرة والعون من المملكة ووقْف العبث بأمن المواطنين اليمنيين ومقدَّرات بلادهم. فكانت لحظة الحقيقة وساعة الحزم، وانطلقت العمليات العسكرية لعاصفة الحزم فجر يوم الخميس 26 مارس 2015، وبتحالف ضمّ عدة دول عربية وإسلامية تقوده المملكة.
تحية لكم جميعاً أيها الأبطال، وهنيئاً لبلدانكم بشجاعتكم أيها المغاوير، وهنيئاً لدولة اليمن الشقيق وأهلنا فيه بتضحياتكم الفريدة، تمنعون عن اليمن وشعبه الأبيّ الضيم، وتكسرون شوكة الظلم، وتقصمون ظهور أفراد تلك الشرذمة الحمقى الذين باعوا أنفسهم للشيطان.
يا أيها الأبطال في الحد الجنوبي، يا جنود الحق والعدل، بدم القلب أكتب إليكم وبصوت المحبة أناديكم. تأكّدوا أنكم في عقولنا التي تفكر بكُم وتنشغل على سلامتكم دائماً، وأنتم في قلوبنا التي تحتضنكم بصادق الدعاء لكم كل حين بالنصر والتمكين، فامضوا في مهمتكم الإنسانية النبيلة، تحفّكم عناية الرحمن ويحوطكم لطفه عزّ وجلّ.
أيها الفُرسان الأشاوس من جنود المملكة وشقيقتها دولة الإمارات ودول التحالف العربي، لقد أصبحتم مضرب المثل في الشجاعة والتضحية والإقدام حين حملتم أرواحكم في أيديكم وبعتموها ابتغاء وجه الله تعالى، لينال عدد من إخوانكم شرف الشهادة في سبيل الله عزّ وجلّ، فرحمة الله تعالى عليهم ولأهلهم وذويهم خالص العزاء.
عاشت أوطاننا حرة أبية، ولا نامت أعين الجبناء والخونة في كل زمان ومكان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* مقال منشور في صحيفة الرؤية الإماراتية.
للتواصل مع الكاتب:
تويتر yba13@

بريد إليكتروني:
anayba2013@gmail.com
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

للمزيد من المقالات، يمكنكم لمس صورة الكاتب الشخصيّة أعلى هذه الصفحة.
كما يوجد سهم أسفل الصفحة يسار هذا شكله > باللّمس عليه تظهر المقالات الأقدم.
وسهم آخَر بهذا الشكل < أسفل الصفحة يمين للعودة للمقالات السابقة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طريقة التعليق على المقال:
الذهاب تحت المقال
ثم اختيار: إرسال تعليق
وكتابة التعليق المرغوب، مع أهمية كتابة الاسم والمدينة أو الدولة في أعلى التعليق.
ثم الذهاب إلى خانة: التعليق بِاسم، لاختيار ملف التعريف.
واختيار: مجهول
ثم الاستمرار في إجراءات سهلة، كوضع علامة √ على بعض الصور.
ثم: نشر.
شكرًا دائمًا للجميع ღ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ